2009/04/05

المسرحي عبد الرزاق محمد عزيز...

شواخص الذات المبدعة
أحاط نفسه بهالة من الكتب يطالع بشغف جم بل ويكثر من القراءة كلما سنحت له الفرصة وانك لتعجب حين يداهمك بموضوعات وكتب ابتلى بقراءتها تنضح أفـكارهـــا وهو يتحدث بخلاصــة
مدخلاتها . ليس سياسيا محترفا ولم تجرفه موجات النفعية وهرولة المنافع الآنية كوجودي. فهو يعيش روح السياسة وجوهرها الناصح هدفه الأسمى هو الفن المسرحي الذي لا بديل عنه هو معينه و سديم رؤاه الثاقبة وجدله المطلسم لا يختفي بالبهرجة.المسرح الجاد شغله الشاغل وما تبقى من صبره وجلده ومثابرته هي مقايضة الوقت رغم جلوسه على كرسي- إداري- في نقابة الفنانين عدة سنوات وحضي بزيارة العديد من المسؤولين لكنه حتى الآن لم يوفق في الحصول على قطعة ارض تاويه .كم أنت صبور يا عبدالرزاق وأنت شامخ يا أبا دعاء أيها الجندي المجهول الذي لا يعرف وقتا شاغرا ليعبث بأصول الناس وألوانهم وأجناسهم وميولهم وقومياتهم.. انه أخ لجميع الناس مثل لوركا بانتظار أن تهب عليه كل رياح العالم ومن كل الاتجاهات لان المسرح أصبح زاده و زوادته في سفر حياته و سنوات عمره الجميل.
من أين تأتي بهذا الصبر لعدم رؤية الأصدقاء الذين أحبوك عجيب أمرك أيها القرصان جواب البحار، يقف إلى جوارك- بر يخت –وأنت أسير المتاهة تخوض ملاحم غير محسوبة فوق خشية المسرح تعبق كالزهور و بأمنيات صغيرة تفوق أحلام - لورانس اوليفر و اورسون ولز – لكنك متخم بعصارة جهود أنور رمضان و سلمان فائق و عصمت نجاتي وتداعيات الراحل جليل القيسي، رغم انك تتقاطع معه كوجودي عارم المفاهيم لا ينتظر مثلما تنتظر أنت (بيكت وغوغول) وما أن يأتي جودو – حتى تبدأ الهرطقة ويذوب صمت العاشق الرنف – رزاق المخرج و الممثل الذي لا ينطق حتى يتكلم ولا يبكِ حتى لا يصرخ وبقدر ما هو ناضج فهو فاشل وبقدر ما هو فاشل فهو ناضج ومبدع .
رزاق ابن محلة العرصة حيث بيوت الطين والدرابين الضيقة وهموم وأوجاع الكادحين انه الموهوب الذي هام بحب المسرح الغائر في مجاهل ما يمكن أن تسمى – تهويمات – وكأنه يشحذ غير هياب لشروط الدخول القاسية التي يفرضها النشاط المدرسي آنذاك وما عدا ذلك هلوسة تذرها الرياح . رجل لا يعرف التجارة و الربح و لا يخشى الملاق وكوارثه. شجاع في صمته المذهل ، جدلي المنطق عندما يعتروه انكسار الفكرة. تتبع نصائح – ستانسلا فسكي – عاشقا ً لطلاسمه وموحياته السحرية وتوجيهاته المرنة السلسة المأخوذة أصلا من تلامذة المسرح ورغباتهم الجياشة و معكوسة إليهم بصيغ سايكلوجية متفردة. كان الصدق يأخذه بعيداً في مهنته الشاقة حين يؤدي دوره ممثلاً لعموم الجمهور ساعياً إلى توفير شحنات موجبة في رصد المزاج الشخصي وذلك للابتعاد من آلية القوالب الزائفة التي يلجأ إليها صعاليك الفن ممن يرجون لأنفسهم ولو نتفاً من رصيد الشهرة المؤجلة على إن التمثيل حرفة وصنعة قابلة للاستهلاك المحلي بحثاً عن التصفيق و التهريج.
لم يرض رزاق بكل هذه التهويمات المشلولة و التوترات العضلية التي كثيراً ما تؤدي إلى الخيبة و الفشل المحسوب على ذمة السفسطائيين. قد ترى – رزاق – مسترخياً في عودة مزدوجة إلى العقل الباطن للبحث عن نشوة الدور بإطار التناسب الطردي بين القوة الخلاقة ومعاييرها وقوة الجاذبية الهدف وصولاً إلى الهدف عينه. رزاق يبحر في منجزه المسرحي غير مرعوب من نتائج النجاح و الفشل لان النهاية دائماً محسومة لديه.
كان همه الوحيد أن يبقى ربيباً حميماً للمسرح الجاد وظل معتكفا في صومعة الرهبان دون ملل يراقب بحزن عميق ورفض صوفي كل خزعبلات – المسرحيات الهرجة إلى الحد الذي يأنف حتى من نقدها إلا بمقدار جر الحسرة على ضياع الزمن وهدره لكومة من شحاذي الأدوار الهزيلة.
لقد صفق الجمهور له كثيراً وهو يحزر المراتب الأولى كأفضل مخرج من خلال مسرحية فراديس و افتراضات واهية وهديل وغيرها من لوامع الأديب الراحل رعد مطشر و المبدع قاسم حميد فنجان .

ليست هناك تعليقات: