2009/04/05

الشاعر أحمد هاشم الآلوسي

ترجمة : صباح طوزلو
كباقي الشعراء والمثقفين الترك درس في إعدادية (غلطة ساراى) المشهورة آنذاك. وهو عربي الأصل، تركي النشأة والثقافة. ولد في (بغداد) في العام 1884
ينتمى إلى عشيرة (الآلوسى) . وهو نجل القائم مقام (عارف حكمت). حرم من حنان الأم وهو في الثامنة من عمره فأصطحبه والده إلى (اسطنبول) عام (1895) وأدخله الإعدادية المذكورة يعتبر من أكبر شعراء مرحلة ( الفجر الآتي ) بدأ (هاشم) في (اسطنبول) بتقوية لغته التركية من جهة ومن جهة أخرى قام بكتابة ونظم الأشعار كان شعره الموسوم ( عشق الخيال) أول تجربة له في عام (1901) . في تلك الأثناء كان يتأثر بالشعراء الكبار أمثال ( عبد الحق حامد) ( جناب شهاب الدين) و ( توفيق فكرت ). في عام (1907) تخرج من الإعدادية المذكورة ودخل ( كلية الحقوق ) وعند صدور أمر تعينه كمدرس للغة الفرنسية إلى ( أزمير) أضطر إلى ترك دراسته في ( كلية الحقوق ) بـ ( اسطنبول) . وعندما صدر أمر تعينه كمترجم في وزارة المالية عاد ثانية إلى ( اسطنبول ) .عمل كضابط احتياط عند نشوب الحرب العالمية الأولى . بعد أن وضعت الحرب أوزارها عمل كمدرس للغة الفرنسية في أكاديمية الفنون الجميلة في قسمي ( الفن الجمالي ) و (علم الأساطير) وفي الأكاديمية الحربية وفي كلية ( العلوم السياسية ).
منذ البداية كان يعاني من مرض الكلى . في عام (1932) سافر إلى (فرانكفورت) من أجل العلاج وبعد فترة قصيرة من عودته أشتد مرضه وأصبح سبباً لوفاته في الرابع من حزيران عام (1933) في منطقة ( أيوب ) .
يعتبر (هاشم) شاعراً رمزياً وانطباعيا وبؤرة الشعر في مرحلة (فجر آتي) أنه ضمن تلهفه لـ (تلك البلدة) غير المعروفة . ولأجل معرفة فنه يستوجب العودة إلى طفولته ، ولطفولته الأثر الكبير على فنه . كانت والدته إلى درجة من الشفقة والرحمة بالعكس من والده الذي كان إلى درجة من الصلابة والقسوة . بعد وفاة والدته عاش في عزلة مخيفة .
يعتبر (أحمد هاشم) من ضمن الشعراء والذي تمكن وبأسلوب ساحر ومشوق من التعبير عن أحاسيسه المرُهفة حول حبه الكبير الذي كان يُكنه لوالدته وحول وحدته وذكرياته الطفولية والمعاناة من اليُتم الذي أدمل قلبه الصغير في غفلةٍ من الزمن أنه يؤمن بأن الفن يجب أن يكون للفن . لا يتطرق في أشعاره إلى الأفكار والحوادث الاجتماعية . لم يكتب بوزن ( الهجا ) بتاتاً جميع أشعاره كُتبت بوزن ( العروض) وهي خليط من الكلمات العربية والفارسية ومزخرفة بالأستعارة والتشبيه والمجاز والإضافات . لغته ليست نقية ولا يُلمس فيها ذوق وجمال اللغة التركية. بالنسبة لـ ( هاشم ) هناك خطوط حمراء بين الشعر والنثر. الشعر يُكتب من أجل ( التحسس ) والنثر يُكتب من أجل (التفهم) الشعر يولد من الجمال المخفي ولغته ليست كلغة النثر من أجل التفهم . الشعر لغة قريبة من الموسيقى أكثر من الكلمة عند كتابة الشعر يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار التوافق في الخط الأول والكلمة في الخط الثاني .
عندما يكتب ( أحمد هاشم ) الشعراء، يحاول الولوج إلى عالم الغموض أجبار القارئ أن يكون ذا خيال يقظ وأن يضع نصب عينيه عدة احتمالات في تفسير شعره .
كشعراء الغرب الرمز يؤمن (أحمد هاشم) بوجود عالم لا يُرى بالعين المجردة ما وراء العالم الذي يرى
بالعين المجّردة وأنه يتحسس بلهفة ذلك العالم . نجد في ( أحمد هاشم ) كيف أنه يجسد كرسام في أشعاره رعشة الإنسان الداخلية وألوان شمس المساء وعلى شكل موضوع إنشائي رائع . لا نصادف شاعراً ثانياً بمستوى ( أحمد هاشم ) في الأدب التركي كشاعر رمزي، أنه يعرض أمام أعيننا عالم طفولته السحرية بكلماتٍ ملونة. فالعشق والطبيعة وتناولهما هي من أهم سمات شعره.

نماذج من أشعاره

لا أنت ولا أنا
ولا هذا المساء المجتَمعُ في جمالك ،
ولا هذا البحر الأزرق الذي أصبح مرساةً لآلام الفكر
أصدقاء ، للجيل الذي لا يفهمُ معنى الملل

السُلمَّ ستصعد ببطىء
عن طريق هذه السلالم
في ذيل ثوبك كومة من الورق
كلون الشمس
وفي لحظةٍ من الزمن
ستنظر إلى السماء باكياً
أصفرت المياه .. وجهك يميل إلى الشحوب
طبقةً تلو الطبقة
تأمل الأفق الحمراء ،
فالوقت يميل نحو الغروب .
الورود منحنية نحو الأرض ،
وهي قانعة بأنها متصلة بها .
البلابل المدمية تقف على الأغصان كالشرر .
هل المياه احترقت ؟
لماذا التشابه بين المرمر والنحاس ؟
هذه هي لغةٌ خفية تملأ الروح .
تأمل الأفق الحمراء ، فالوقت يميل نحو الغروب .

ليست هناك تعليقات: