2008/04/15

مشوار بندر اوغلو ..


مسافة ما بين الصرخة والألم


كتابة : تحسين ياسين

منذ سنين قادتني يد الأقدار إلى التعرف على الأديب والكاتب المعروف (عبداللطيف بندر أوغلو) حدث ذلك في سنيني العجاف التي لم تكتف بأكل بقراتي السمان وسنبلاتي الخضر بل أكلت الناس والضمائر والذمم وكل شئ ، إلا ما رحم ربي .. وما بقي من زادنا الشعري إلا قليلا. ولعل ما يميز هذا الأديب أنه بحجم الزمان وهذا الزمن قد أنبت لنا شعراء وأدباء يخيل لك وأنت تنظر إليه وتتأمل قسمات وجهه وتستمع إلى كلماته أن هذا الرجل يحمل الدنيا كلها على كتفيه مثلما يحمل (سيزيف) صخرته. وهو الذي يحمل منذ أمد بعيد هموم وتطلعات الأدب التركماني العراقي. وإذا شئنا الحديث عن شعره فلا بد من القول أنه من الصعوبة أن تفصل بين شعره وكلامه العادي ومظهره البسيط والحزن الماثل على وجهه والعاطفة الجياشة التي تتفجر من فمه باختصار انه قصيدة جميلة من لحم ودم متمثلة في كمال شخصيته، أما أفكاره فإنها كأسراب الطيور المهاجرة التي لا تعترف الدول الخاصة بالحدود وحقوق السيادة. والشعر عنده كائن حي له روح وهو يتنفس ويتألم ويشعر ويفرح ، لا مجرد كلمات خرساء ترقد على صفحات صماء. ثم ان جانب آخر في شعر هذا المبدع يتمثل في تلك المعاني والثروة الهائلة من الرموز التاريخية والفلسفية والفولكلورية التي تنتمي إلى ثقافات متباينة وعصور مختلفة والتي استطاع الشاعر أن يصهرها في بوتقة خياله الفذ ويحولها إلى قصائد تطير كالفراشات والحمائم البيضاء .. وكما طارت روحه إلى أبعد مدى حيث تخوم الكون ، وهكذا رحل مثلما ترحل السنونوات إلى خط الاستواء حيث حقول البن الدافئة حاملاً آلامه وسنيه المتعبة كصرة عاشق أبدي على كتفيه ليرحل بصمت و وقار إلى مدن الرخاء البيضاء والعالم السرمدي الذي ينتظره. وهكذا قد خلد أديبنا الرائع .إنه حقاً خريف الشعر هذه السنين حيث تتساقط وريقات سنين شعرائنا وما أكثر الذين ودعناهم هذه الأيام. أما نحن الباقون فباتت مشاعرنا لفقدهم كالزرازير المنتشرة على أسلاك الرحيل والممتدة إلى مملكة الحزن البطيء ، ولكن ستبقى عروقهم تتجذر يوما بعد يوم في الضمير الإنساني وستبقى (الصرخة والجرح) و ( مدية تخترق كبد الزمان) و ( الألم لي، لك الأمل والعواصف للجميع) و(نجوم منطلقة من البراكين)وغيرها من أعماله الأخرى والكثيرة وفي شتى المجالات الثقافية ستبقى هذه الأعمال قناديل تضيء دروب مدن القصائد.
هذا الرائع الذي احتفظ بالألم لنفسه و وزع الأمل للآخرين وحذر الجميع من العواصف لأن له باع طويل في مصارعة الأعاصير، واستطاع أن يشرب تلك العواصف، لذلك نجده في كل مرة يوزع الأغاني على ألسنة الأطفال ، لأنه يؤمن أنهم سوف يداعبون الغيوم يوما ما بنظراتهم ويغازلون الرعود.
أنت أيها الواثق و الواقف خارج مدار الوقت فعقارب ساعاتنا قد خرجت هي الأخرى عن مداراتها كي تودع لحظتك التي اغتالها هذا الزمن الذي يجري خلف ساعة (بك بن). وكم مرة اخترقت المدية كبد زمانك ! لذا ألغى كبده الذي أزعجه يوماً وقد مارس الزمن مثل هذه الإزعاجات في جسده بعشرة مرات ونيف .. وفي كل مرةٍ كان الموت يخطو أمام أنفه في رواح وغدو مثل ريح تتحين فرصة لتخطف شيئاً منه، إلا أنه كان مؤمناً بفكرة الخلاق حينها ( ثارت براكينه لتنطلق منها نجوم) لتملأ سماء الأدب التركماني إشعاعا وضياءً ولم يتعب يوماً ولم تقف براكينه عن الثورة، وظل يبحث في أتون الجمرات حتى أوجد منها شمساً وقطر فوهتها بقدر عدسة التقطت لنا آلاف الصور الحارة، ومن عرق جبينه طوفانا ، ومضى هكذا بثقة رهيبة خلف الصوت كمهرة تبحث عن صهيل رأسها، فوجد الهمسة فخلق منها (الصرخة والجرح) فاكتشف عقاراً جديدا للقصيدة التي أصابها داء النسيان في أحيان كثيرة، واستطاع أن يعرف هموم جميع العيون التي انخدعت بالسراب.
عرف وأيقن أن الليل الطويل الذي يسدل ستائره على وجه الصباح سوف يتمزق مثل رداء أخفت عيوبه الرقعات، فكان يقظاً بأفكاره وبرموزه الشعرية ، وهذا ما نراه في قصيدته الرائعة هذه :
همومي
مثل اتساع مدى العين
تحيطني الهموم
همومي هموم فقراء العالم
وقلقي على الأسماك الصغيرة
كي لا تكون طعما للكبار.
وقلقي على الأغاني
على ألسنة الأطفال
وهمومي مثل صهيل الجياد
الساقطة في العواصف.
.. وهكذا مد يديه صوب أيدي الحرية المتعلقة في الفراغ ، وأمامه الرعب يصفق بجناحيه ، فالرجفة كانت في الظلمة والضياء في الآمال ، وظل ينفخ بالجمرة التي خمدت فوق الشفاه حتى أضرم النار بكل قلب خاب جريان الدم فيه ، ولم تكن النصوص التي كتبها في الفترة الأخيرة من عمره سوى أنين الزمن في أعماق ذاته.

2008/04/12

رؤيا نقدية... إبحار في عالم نسرين أربيل

نسرين أربيل و أُلوهة الأزرق


كتابة : أنور حسن موسى


رغم وجود كم هائل من الشعر ورغم كثرة الأسماء الشعرية في خارطة الشعر التركماني منذ الخمسينات إلا أنّ شعراء بعدد الأصابع هم من وضعوا اللمسات الأخيرة للشعر الجديد، وأكسبوه معنى الحداثة، وأمدوه بدماء جديدة أنقذته من قيم ذوقية رديئة أنتجتها عقول شعرية يمكن نعتها بالـ(سلفية)..
الشاعرة نسرين أربيل من هؤلاء القلة الذين أنضجت تجاربهم الشعرية شعرنا الجديد ورسخته في أفق الذهن التركماني، وإنّ ( وعيهم للأشياء، وأصالة تجاربهم جعلتهم يعلنون بثقة عن موت تلك الوظيفة التزيينية المباشرة للغة).
إن لوعي الشاعرة نسرين أربيل أثر عظيم في إغناء الشعر التركماني من خلال المغامرة المستمرة في تجاوز القديم بلغة معبرة لا تنحصر داخل إطار من البرمجة والتقنين جسدت ( تجربة الإنسان الممزق الجواب في عالم جاحد تجسيداً إنسانياً منح المغامرة شكلها الوجودي).
تنتظم قصائد الشاعرة في سلكين متشابكين هما : رؤية ذاتية و وحدة موضوعية تطعمها بصور عجيبة مدهشة قريبة من عالم الحلم الغريب والرؤى السريالية.. تلك الصور والرؤى أثرَت الشعر التركماني وأحدثت تغييرات عميقة في إيقاعاتها..
عاشت الشاعرة محنة الأوضاع المتأزمة ، وشاهدت أحداثها الدامية عن كثب وتركت مجزرة كركوك عام 1959 أثراً عميقاً في نفسها، فسارت في سبيلها ضائعة ممزقة إلى أن اهتدت إلى أسلوب جديد من العطاء الفكري والغني فأسست مدرسة سار على نهجها معظم شعراء الحداثة في السبعينات والثمانينات. كانت الشاعرة دائمة البحث عن أدوات أكثر تجديدا وعمقاً للتعبير عن خلجاتها فتخلصت ببراعة عن اللغة العامية والخطاب المباشر، واهتدت الى صور شعرية زاخرة بإيقاعات موسيقية جديدة أكثر تنوعاً ومعاصرةً، وأخذت تصور حالات (العشق الحسي) كلما ازدادت حدةً ازدادت توقدا وانغماساً في صوفية قلّ نظيرها في الشعر التركماني.. لقد بلغت المآسي بها مدىً أبعد حين زالت الفواصل (بين الواقع والحلم، بين الحقيقة المريرة والأماني المجهضة)، فصار الألم شديداً لا يطاق فلجأت إلى الرمز لتحاشي الوقوع في مصيدة الانتحار أو الانزلاق إلى هاوية (الرفض و التمرد المطلق) فكان اللون الأزرق هو الرمز الذي حلقت الشاعرة بجناحه الشعري في غابة من القصائد الملونة، أمتعتنا بها من خلال ديوانيها (حلم البحر- المدينتان). وإذا كان الرمز عند غلاة الرمزيين يعني ( منهجاً انهزامياً جديداً يستهدف طمس الوضوح وتأكيد الضبابية) ويستخدم لدى الواقعيين( لإيجاد ظلٍ للحقيقة والواقع) ويعني عند (براوننغ) أداة لتكثيف وتعميق أبعاد الحوار الداخلي ضمن القصيدة الواحدة، وعند المقلدين من الشعراء الشباب (صورة شعرية تمتلك امتدادات صادقة إنسانية واجتماعية) وإذا كانت الرمزية كاتجاه تدعو لمثالية صوفية تتيح المجال للشاعر بأن يستغل مساحة واسعة من الحرية الفردية بصدد إلغاء مهمة الشعر الاجتماعية، فهو لدى الشاعرة لم يكن سوى (أداة للتعبير و الاسترجاع و وسيلة لتشديد الاقترانات الماضية والحاضرة) فإذا كانت الشاعرة قد خرجت من ناحية الشكل كلياً من الماضي فهي من ناحية المضمون ظلت عالقة به، ولعل الإبداع الذي تميز به أسلوب الشاعرة هو نتاج هذا التعلق بالماضي، وماضي الشاعرة يعني تاريخها وليس من حقنا أن نطالبها بالخروج من التاريخ، وتاريخ الشاعرة هو تاريخ بني قومها التركمان على مرّ العصور.
وإذا كان الماضي لدى السياب (إرثا وكثافة أكثر مما هو ذكرى وشفافية) فإنه لدى الشاعرة كان إرثاً وكثافة وذكرى وشفافية.
الكاتب أنور حسن موسى
إن تجربة نسرين أربيل ريادة استمد منها الشعر التركماني قوته في إنشاء (وسط تعبيري جديد) فكأن لغة الشعر صارت اللغة المألوفة، بل لغة جديدة .. لقد تغيرت دلالات المفردة التركمانية وظهرت لها أبعاد جديدة غير الأبعاد القاموسية التي طبعت لغة الشعر التركماني في زمانها..إن منطقة سكنى الشاعرة متنوعة فهي تختار السكن في الحاضر واللحظة التاريخية، أو ترتدّ إلى الوراء لتستلقي وسط أحراش الماضي أو تقفز بسرعة الضوء لتسكن في المستقبل، وتؤسس عالماً آخر يتجاوز الماضي والحاضر.. ترى هل كانت الشاعرة تكافح لتحقيق وعيها الجديد في الإنسان والحياة على حدّ تعبير أدونيس؟ أم كانت متيمة بـ (هاجس التواصل مع الآخر)؟
وسط الشاعرة نسرين هو وسط عالمين متناقضين .. عالم ينحسر إلى الوراء، وعالم يتوغل في الآتي..إنه وسط (غبار الأوراق- أجنحة النوارس- الغابات البرية- النوافذ المغسولة بالمطر-قضبان الحديد- أزهار الأقحوان- المدن الزرقاء – الأيادي الزرقاء).
لقد اقتحمت غابة الشعر الجديدة بروح امرأة أوربية ولا غرابة في ذلك فهي قد عاشت فترة وجيزة في ألمانيا تعلمت خلالها لغة ساكنيها، وبعد أن تعلمت الانكليزية تشربت روحها بتقاليد المرأة الأوربية .. كتبت الشعر باللغة الانكليزية فأبدعت فيه حتى إنها حازت على الجائزة الأولى في إحدى المسابقات الشعرية، وتشعبت مصادر ثقافتها الشعرية من خلال مطالعاتها للشعر الغربي إضافة إلى مصادرها السابقة، وتأثرت بشعراء مدرسة (غريبجيلر) التركية التي كان من أهم روادها أورخان ولي ، مليح جودت آنداي ورفعت أوكتاي. فإذا كان (توماس تراهيرت) قد نذر حياته في البحث عن السعادة، وإذا كان (راما كريشنا) قد قضى حياته كلها في البحث عن الله فإن نسرين أربيل وهي تعيش وسط مدينة تتأرجح دوماً بين حياة مضطربة وموت متوقع كل لحظة بحثت عن الأزرق مانحة القوة والحياة والأمان كمعادل موضوعي لتلك الحياة المضطربة التي تفتقد في خضمها كل ما تمنح تلك الامتيازات التي تجعل الحياة ممكنة بل وتجعلها مستحقة.
وإذا كان لوركا قد تغنى بلحية (ويتمان)- التي تملؤها الفراشات – فلقد حقّ علينا أن نتغنى بالموج الأزرق في عيني الشاعرة نسرين الذي يغطي مساحة كبيرة من الكون، فينقل الشاعرة من دائرة العتمة إلى منطقة الضوء الأزرق فنلتقي في قصائدها بالرياح والمواسم والألوان وخاصة (الأزرق والأخضر والوردي) والسيوف الفضية والعصافير والنوارس والأنهار والبحار والابتهالات الزرق والأيادي الزرقاء وحكايات الأسماك.
نسرين أربيل الباحثة عن عصا سحرية تشق البحر ، تستل الأشياء من أصولها ، وتبعث الحياة في الأموات وتجعل الحصى (يؤرق عشباً أخضر) في محاولة منها لإسقاط قوانين فيزياء الأشياء .. لا شئ سوى فيزيائها الخاص، ولا عالم غير عالمها الأزرق والأخضر و الوردي- ألوان التفاؤل والحياة – ولا حب كحبها يتسلق أرجوحة الخيال الملتهب شغفاً بالآتي .. شعور بالغربة يتميز فيه صوت حوافر الخيول القادمة من الماضي السحيق وصليل السيوف التي أسقطت إمبراطوريات وأقامت إمبراطوريات ..
لقد أرادت نسرين الشاعرة أن تخبرنا بأن ( ليس هناك حب للحياة بغير يأس منها) تماماً كما عبّر عنه (كامو) في (الظهر والوجه) فهل يا ترى وصلت نفس الشاعرة إلى لحظة اليأس التام؟ هل خلت نفسها من كل شئ جميل إلا تلك ( الشهوة غير المحدودة إلى الحياة)؟
الألوهة في الكون .. البحر والسماء والشمس التي تغنى بها (فاليري) حلّت محلها ألوهة الأزرق في كيان الشاعرة، والأزرق بالمناسبة اختلف النقاد في دلالاته الشعرية عند الشاعرة نسرين فمنهم من أرجع ذلك الى توق الشاعرة الى الصفاء والنقاء والهدوء في عالم يضج بالقذارة، ومنهم من حار في تفسيره وأنكر حتى على الشاعرة سرّ اختيارها لهذا اللون ، فعده الناقد هاني صاحب حسن في كتابه (أزهار القرنفل) : (عملية تخصّ آلية الخيال ونشاطه) بعد أن اعترف بعدم معرفته لسر اختيار الشاعرة لهذا اللون، وإني أعتقد جازماً بأن الناقد كان يعرف ذلك السّر كما تعرفه الشاعرة ويعرفه القارئ الفطن أيضاً .. فاللون الأزرق رمز قوي يعتز به التركمان منذ الأزل، وهو ملتصق بتأريخهم، وهو لون رايتهم، وما اعتراف الناقد بعدم معرفته سوى عملية تضليل إزاء الرقابة الصارمة آنذاك من قبل السلطة الغاشمة على المطبوعات والمنشورات التركمانية، والدليل على ذلك قول الناقد نفسه في مكان آخر: ( إن نسرين رمزت بالأزرق إلى حيلتها ذلك لما كانت تحيط بهذه الحياة آنذاك من مخاطر و مخاوف تهدد مصير وكيان الشاعرة وكيان أشيائها الأثيرة وأصحابها المقربين) .. أليس هذا الكلام كافياً لتفسير الدلالة القومية للون الأزرق لدى الشاعرة؟ وأغلب الظن أن الناقد قد أشار لهذه النقطة، لكنه فضّل التلميح على التصريح بطريقة ذكية.

التركمانية أم التركية


كتابة : عباس أرتاش

في البدء كان (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)
القرآن الكريم
( في البدء كانت الكلمة وكانت الكلمة لله)
الكتاب المقدس
في البدء استميحكم عذراً وأطلب من أخوتي بسعة الصدر، لأننا جميعاً نسعى وراء أهداف نبيلة ، أهمها رفعة وتطور ورفاهية شعبنا التركماني ، وتمكينه من الحصول على جميع حقوقه كاملة . أشدد هنا على كلمة تمكنيه لأن هذه الكلمة تفرض علينا جميعاً دون استثناء بذل أقصى الجهود في جميع الميادين وباستمرار لتهيئة كافة المستلزمات المادية والمعنوية لوضع إنساننا التركماني على سكة التطور والتقدم و النهوض مجدداً ليأخذ وضعه المتميز الذي كان يشغله فيما مضى.
طبعاً هناك بنود كثيرة على قائمة المستلزمات ، وأول بند في هذه القائمة هو قضية التربية والتعليم . لا أكشف سراً أن وجهت أنظاركم أيها السادة إلى التجربة اليابانية والماليزية والكورية الجنوبية ، كافة هذه الشعوب التي نمت في ميادين الحياة بصورة سريعة ومفاجئة ، دأبت بشكل متواصل على خلق الإنسان المتعلم والمثقف وقدرته على الإمساك بالأهداف والسعي لتحقيقها ، فالأحرى بينا نحن أيضاً الاقتداء بتلك الشعوب ووضع كل همتنا من أجل خلق أرضية سليمة وناجحة للتربية والتعليم .
لنتوقف قليلاً ونلقى نظرة على واقع التعليم عندنا نحن التركمان كي نتبين أين نحن وماذا نفعل ؟
منذ سقوط النظام السابق وحتى الآن جميع الجهود منصبة ليس فقط على التعليم بالحروف اللاتينية ، وإنما باللغة التركية تحديداً ، معتبرين اللهجة جزءاً مشوهاً من اللغة الأصلية (حسب رأي حتى بعض المثقفين التركمان) لا أجد من أحد يعبر أي اهتمام يذكر لمسألة اللهجة التركمانية ؟ يقول علماء اللغة : بأن اللغة هي وعاء للفكر أي لا يوجد هناك فكر وثقافة وعلم ومشاعر وأحاسيس بدون اللغة . وأن الإنسان لا يستطيع التفكير أو التحدث مع نفسه بدون اللغة. وهكذا عندما يفسد الوعاء أي (اللغة) أو يرتبك ، لا شك أن محتوى الوعاء والفكر هو الآخر سوف ينال نصيبه من ذلك الفعل) . والدليل على ذلك عدم قدرة غالبية التركمان على التحدث والتعبير بطلاقة عن أفكارهم وأحاسيسهم، خاصة عندما يتحدثون في اللقاءات الميدانية التي تجريها فضائية تركمان ايلي وغيرها من وسائل الأعلام في أسواق وحارات كركوك وباقي مناطقنا التركمانية . وحتى بعض الأدباء والفنانين و السياسيين عندما يتحدثون خلال أحدى البرامج – التلفزيونية ، نلاحظ بوضوح ركاكة التعابير والنطق الغير السليم للحروف بالنسبة لمخارجها وطريقة لفظها وحتى المشاهد أو المتلقي هو الأخر غير مؤهل لغوياً للتفاعل اللغوي الايجابي والسليم . السبب في ذلك لا يختلف عليه اثنان . فالمشكلة تكمن في الأساس في عامل اللغة . بدون حل هذه المشكلة ومخاطبة الناس باللغة (اللهجة التي يتحدثون ويفكرون بها) لن نستطيع أن نقدم لهم شيئاً يذكر على طريق التقدم الاجتماعي ودفع الأفراد نحو التحول إلى عناصر ايجابية وبناءة بدل تركهم حجر عثرة أمام بناء المجتمع التركماني القادر على مجارات متطلبات المرحلة الحالية والتهيؤ بجدارة للقفز إلى المراحل القادمة. وبحذف ذلك أذا ما أستمر الحال على ما هو عليه سوف تتحول اللهجة التركمانية إلى لهجة ميتة عندما نحتاج إلى ترجمة أدبنا وخورياتنا وتراثنا إلى اللغة (اللهجة التركية) رب قائل يقول وما الضير في ذلك ؟ أليس هذا أفضل لنا جمعياً ! أليست اللغة الواحدة أفضل من لهجات عديدة تعقد التفاهم والعلاقات بيننا . أنا أعتقد بأن هذا ليس أفضل، لأن طرح المسألة بهذه الصورة هو تبسيط وتسطيح للأمر ، فالمسألة مسألة تراث ، ثقافة ، فكر، فن، شعر، وأدب تراكم على مدى أجيال طويلة، وتفاعلت بشكل حيوي وايجابي مع البيئة المحيطة بها . فأن إلغاء كل ما سبق ذكره كمن يخرج السمكة من الماء ويضعها في ماء الكولونيا بذريعة أن ماء الكولونيا أطيب وأزكى رائحة . وكذلك أنا لست مع الطروحات الشبيهة بالطروحات التي يطرحها الشاعر اللبناني سعيد عقل (ما يتحدث به اللبنانيون هو لغة لبنانية بحتة وليست بإحدى اللغات العربية) . فالموقف الصحيح أعتقد أنه يتجسد في التحرك على مسارين متوازيين ، أحدهما اللهجة التركمانية والعمل على تطويرها ونشرها تحت أشراف هيمنة لغوية تتشكل من متخصصين لغويين وأدباء ومفكرين ، والأخرى هي الاستمرار في تنشيط جهود نشر اللغة التركية ليس فقط على مستوى المدارس ووسائل الأعلام وإنما فتح مراكز محو الأمية أيضاً. أريد أن أطرح هنا سؤالاً ما الذي يجعل لغة ما لغة فصحى وأخواتها مجرد لهجات؟ طبعاً نستطيع عبر استحضار مسار تحول بعض اللهجات إلى لغة فصحى . وتجربة تحول لهجة قريش إلى الفصحى خير مثال على ذلك . عدة أمور ساهمت في تحول لهجة قريش إلى لغة فصحى موحدة لكافة العرب الأول هو مركز قريش التجاري والديني في الجزيرة العربية أما الثاني فكان نزول القرآن الكريم بلهجة قريش. ولكن الغريب في الأمر السماح للعرب بقراءة القرآن بالقراءات السبعة حسب اللهجات العربية الأكثر انتشارا رغم وجود اختلافات بين تلك اللهجات ليس فقط في طريقة نطق الحروف وإنما كانت هناك حتى بعض الخلافات القواعدية بين هذه اللهجات . أن هذه المسألة جديرة بالتوقف عندها وإمعان الفكر فيها وحري بنا أيضاً أبداء الكثير من الاحترام والاعتزاز بلهجتنا التركمانية فاللغة واللهجة ليستا غاية بحد ذاتها بل هما وسيلة لغاية أسمى ألا وهي تطوير الإنسان التركماني فكرياً وثقافياً واجتماعيا .
لاشك بأننا نحن التركمان في مأزق كبير لمن له عينان يرى بهما الأمور على حقيقتها ، فكل ما يحفظ بنا يغلي ويفور، نحن لسنا بحاجة ماسة إلى كل ما يجعلنا نقف على قدمينا فحسب وإنما نحن بحاجة إلى كل ما يدعمنا في المسيرة قدماً نحو الغد الأفضل . عندما يسألني أخي الكبير أن أترجم له الأخبار المقدمة على شاشة فضائية تركمان ايلي أو على شاشة أحدى الفضائيات التركية أشعر بمرارة شديدة وأشعر بمرارة شديدة عندما أخرج إلى سطح منزلي وأجد جميع الصحون اللاقطة موجهة نحو نيل سات أو عرب سات ما عدا منزلاً واحداً أفراده لا يتابعون سوى الأغاني والموسيقى فقط أذاً كيف نستطيع أن نثقف هؤلاء الذين نحن بحاجة ماسة إلى مشاركاتهم في مسار عملية بناء أنفسنا : هل ننتظر صغار التلاميذ حتى يكبروا حينها نحصل على أفراد مثقفين وأدباء ومفكرين قادرين على القراءة والكتابة بلغتنا التركية الفصحى بطلاقة. عندئذ نكون نحن قد أبدعنا في فعل ما لم يستطع فعله الآخرين على مدى عقود من الزمن واستطعنا القضاء على هوية الشعب العظيم والتي هي ليست الخوريات فقط ، بل هي هذا المزيج الرائع النابع من أعماق القلعة والجسر الحجري وكركوك الصوبين ولفة الرأس التركمانية (الجمادانى) والزيون والكحل والخلخال ، والقيم التراثية الحضارية العظيمة الواقعة من قلب موزائيك تركمن ايلى الرائعة. أن من يضع التركمان بين قوسين من الخوريات ومن يريد أن يضعهم كسمكة صغيرة في بركة ماء بعيداً عن البحور المترامية الأطراف من سواحل البحر الأبيض المتوسط حتى تخوم سور الصين ، لاشك أنه لا يعرف التركمان .
هكذا نكون قد وصلنا إلى السؤال الكبير والمهم ، ما العمل ؟ أنلغي لهجتنا ؟ لهجة أبائنا وأجدادنا التي يعتز بها ويتلقاها بكل حب أبناء عمومتنا في تركيا وأذربيجان وتركمانستان هل ننسى هذه اللهجة الجميلة وننزعها من حياتنا كما ننزع قميصاً متسخاً من على أكتافنا بحجة عدم امتلاكنا لمقومات الكتابة بلهجتنا؟ وبالتالي نسهل أمر الهروب إلى الجاهز المريح بشتى الذراع التي لا تستطيع الصمود أمام الحجج الواقعية والعلمية . على فكرة أني من أشد أنصار تعليم وتعليم اللغة التركية التي أعتبرها أهم أداة ونقطة ارتكاز في نهضتنا الثقافية والفكرية والعلمية . مثلما اللغة الانكليزية أهم وسيلة ومصدر للعلوم والثقافة على الصعيد العالمي فاللغة التركية بالنسبة لنا تحمل نفس القدر من الأهمية في تطورنا ونهضتنا العلمية والثقافية والفكرية التي نصبوا إليها جميعاً . أذاً يجب علينا الاستفادة من تجارب وعطاءات وإبداعات أخواننا في تركيا وأذربيجان وتركمانستان في مجال اللغة . لذا يجب علينا وضع أبجديتنا الخاصة بنا كي نستطيع نحن والأجيال القادمة الاستفادة ومن ثم البناء على تراث وإبداعات أبائنا وأجدادنا . أما الأبجدية ذاتها أمر أبسط مما نتصوره أذا ما أستندنا على تجارب أخواننا نستطيع استعارة جميع حروف الأبجدية من اللغة التركية . نضيف عليها حرف القاف ( ق ، Q) والخاء ( خ ، X ) ونضيف ثلاثة حروف من عندنا ، حرف الحاء (حH ) أي حرف الهاء الموجودة في اللغة التركية ونضع عليها نقطتين أما حرف العين ( ع ، A ) . أما حرف الواو ( و ،W ) نستعير حرف (W) من اللغة الانكليزية قد اكتملت وأصبحت على الشكل الأتي:
طبعاً عند اعتمادنا لهذه الأبجدية في الكتابة نستطيع أن نكتب ونقرأ لهجتنا كما هي بدون أية مشكلة والطباعة الحديثة المعتمدة على الكومبيوتر قادرة على حل جميع مشاكل الطباعة والنشر . وعندما نبدأ مشروع بداء الكتابة بالأبجدية الجديدة الخاصة بنا أجزم بأننا سوف نقوم بثورة ثقافية في المجتمع التركماني في العراق .
لنجرب كتابة عدد من الخوريات التي أنشدها المغني التركماني (موجالا) ومن على منصة الإعدام :
بو خاننان Bu xannan
كه روان كيحه ر بوخاننان Karwan giçer bu xannan
زيلفووي صال داللالا zilfiwi sal dellala
قورتار مه ني بو قاننان Qurtar meni bu qannan

بو آلما دورد اولايدي Bu alma dörd olaydı
قارنما ده رد اولايدي Qarnıma derd olaydı
بويونومو ووران جاللاد Boynumu wuran callad
كه شكه بير مه رد اولايدي Keşke bir merd olaydı


وهذا مقطع من أغنية تركمانية مشهورة :


اياغندا دار شاروار Ayağında dar şarwar
باش قالدير حقا ياروار Baş qadldır haqqa yarwar
بونو خودام يازيبدى Bunu xudam yazıptı
مه نيم اليمده نه وار Menim elimde ne war

هكذا يكون قد وصلنا إلى مسك الختام . وكما ترون نستطيع لمحاولة دفع أنفسنا خطوة إلى الأمام . فمن المؤكد أننا لو اعتمدنا فقط على أبجدية أخواتنا في تركيا دون تطويرها وإضافة الحروف الخاصة بنا عليها لن نستطيع القراءة والكتابة بلهجتنا الجميلة ، ولن نستطيع كتابة تراثنا والتقدم في أي مجال من مجالات الفكرية والثقافية
وأنني أهب بجميع أخواتي العاملين في مجال اللغة والأعلام والأدب وخصوصاً الأحزاب واتحادات الأدباء والفنانين وكافة المنظمات المدنية التركمانية أخذ الأمر بشيء من آلية ، ومناقشة الموضوع مناقشة مستفيضة. وعند توفر القناعة بأهمية وضرورة ما نوهت إليه بخصوص لهجتنا العظيمة الجميلة ، أرجو الانخراط في العمل من أجل أطلاق ودفع هذه العملية الإنسانية العظيمة والنبيلة قدماً إلى الأمام والله وراء القصد . نسأل الله عز وجل النجاح والتوفيق لنا جميعاً.
وهنا أود تقديم بعض المقترحات التي ربما ستكون لبنة متواضعة على طريق أحياء وتطوير لهجتنا التركمانية ، وجعلها أهم أداة ونقطة ارتكاز نهضتنا في كافة المجالات الفكرية والثقافية والفنية .
1- أنشاء مَجْمعَ اللغة التركمانية وذلك بهدف :
أ – دراسة اللغة التركمانية في العراق ، ووضع أبجدية جديدة لها .
ب – وضع مناهج دراسة اللغة التركمانية في المدارس المشمولة بالدراسة التركمانية في المرحلة الابتدائية . أما المرحلتين المتوسطة والإعدادية فيمكن فيها دراسة التركمانية إلى جانب اللغة التركية .
2- فتح مراكز محو الأمية في جميع المناطق التي يتواجد التركمان في العراق وخارجه بأشراف قسم الدراسة التركمانية في مديرية التربية في كركوك .
3- تفعيل دور وسائل الأعلام عموماً في هذا المجال وتقوية التلفزيون الأرضي وتخصيصه للبرامج المحلية التي تقدم باللغة التركمانية . ورفع مستوى الراديو ورفده بدماء جديدة لتخليصه من مرض ما يطلبه المستمعون وتقديم برامج تتسم بالجدية والقيمة الفكرية والفنية.
4- الاستفادة من جميع المناسبات التاريخية والدينية والاجتماعية . وذلك لإقامة الأماسي والحفلات والأنشطة الفنية والاجتماعية لخلق التواصل اللغوي والثقافي بين أفراد المجتمع التركماني لتخليصه من الأمراض والسلوكيات السلبية التي تفشت بينهم نتيجة الظروف الغير الطبيعية التي عاشها العراق عموماً . ورفع المستوى الثقافي للفرد التركماني وتهيئة وأعداده بشكل ايجابي كي يأخذ دوره في عملية البناء الفكري الثقافي والتنموي والتي تستطيع عبرها رؤية شمس الغد وهي تشرق علينا بعد كل تلك السنوات العجاف .

هاشم رشاد آقصو

ديمة محنية في سماء الشعر التركماني
كتابة : أنور حسن موسى

أريد أن أكون في بلادي مفهوماً
وعندما لا يفهمني أحد
سيان
أنا في بلادي بالذات
على الهامش أمرُّ
كما تمرّ ديمة محنية
(الشاعر ماياكوفسكي)

هذه أبيات للشاعر ماياكوفسكي يطالبنا فيها بفهمه، وهو بنفس الوقت لا يعير أي اهتمام لذلك لأنه يعترف بأنه سيمر على الهامش كما تمر سحابة محنية.. فهل يا ترى مرَّ الشاعر الراحل هاشم رشاد آقصو على الهامش في بلادنا ؟ وهل يا ترى مرت مجموعته الشعرية الأولى والأخيرة (في إطار الإنسانية) كديمة محنية في سماء الشعر التركماني ؟!
قلما تضاربت الآراء حول شخصية شاعر وفنان مثلما تضاربت حول الشاعر هاشم رشاد آقصو، فلقد كان حقاً شخصية غريبة الأطوار، فتراه تارة قريبا من القلب لدرجة أنك حين تجالسه أو تجاذبه الحديث في الأدب والفن والسياسة لا تمل من حديثه، ولا تستطيع الفكاك من سحر كلامه، وتارة تراه بغيضاً إلى درجة تلعن نفسك ألف مرة لأنك رضيت بمسامرته، وهدرت وقتك في مجالسته، وتراه أحيانا كريماً لا حدود لسخائه، وتراه أحيانا بخيلاً حتى على نفسه .. يهجر الكتابة عاماً ويعود إليها ليكتب في يوم واحد ما يعجز عن كتابته الآخرون خلال عام ، و إلى جانب كتابته للشعر كان فنانا مسرحياً ، وكاتب كلمات أغاني من الطراز الأول.
حدثني زميلي الشاعر جودت قاضى أوغلو أنه عرض على أحد المطربين مجموعة من أغاني الشاعر بناء على طلبه فحار في اختيار أغنية واحدة منها لأنه لم يستطع تفضيل واحدة على أخرى فكانت كلها على حدّ تعبيره جميلة و رائعة.
لقد اتهمني أحد الأصدقاء يوماً بأني حين أكتب عن شاعر ما أركز على حياته أكثر من التركيز على شعره، واني أعترف بذلك فقلما تجد شاعراً لا يتأثر شعره بحياته ، لكن مع ذلك كتبت عن شعراء لا يخضعون لهذا المعيار .. وأقول هنا عن الشاعر هاشم رشاد آقصو فهو في شعره يختلف عن شخصه ، يحاول في شعره أن يدفع بالواقع إلى مستوى يليق بالإنسان بحسّ مرتبط برسالة العدل وتحرير الإنسان ، فلا يهمني بعد هذا إن هو فعل ذلك مع نفسه أم لا.. إن قصائده الغنائية مفرطة الحساسية الذاتية أو مفرطة الذوبان في رصد الظواهر، وهي ناتجة عن تأثره الحاد بحياته المضطربة، فمجموعته التي تضم إحدى وخمسين قصيدة، ثمان وثلاثون منها من الشعر الحر، وثلاث عشرة قصيدة على النمط الكلاسيكي تجمع بين العمق والمباشرة، وبين البساطة والتعقيد كما يقول عنه الناقد التركماني هاني صاحب حسن في كتابه (أزهار القرنفل) وهو أي الشاعر والكلام ما زال للناقد المذكور يمزج في أسلوبه التعبيري الغنائي بين الواقع الاجتماعي، وبين توجهه الاشتراكي، وهو حين يطالبنا في قصيدته (ما المدينة؟) وهي قصيدة لا تشكل بعداً فنيا يرقى إلى مستوى الشعر الحديث أكثر مما تحققه قصيدة شعبية في هذا المجال بعدم الاكتراث بالملبس والمال والعبيد والنساء فهو ينطلق من معادلة صعبة جداً .. معادلة يفشل في تحقيق التكافؤ بين شطريها ، وإني أراه صادقاً في دعواه ، وفي تصوير خلجاته أدق تصوير ، فهاشم الإنسان يعاني من عقدة الحضارة التي تشربت روحه المضطربة منها من خلال مطالعاته وملاحظاته اليومية ، تلك الروح المتعلقة بمباهج الحياة، والتي تمثل إيغالاً بالأنانية وحب الذات وهو في قصيدته (نصائح الجشعين) يقول في أحد مقاطعها:
( صه يا بني
لا تفرط بمالك
إن أباك فداء هذا المال
فريضة أن تسجد للغني
أما السنن فلا تكترث بها)
يريد أن يقول لنا أنه يقاوم إغراء المال له لأنه لا يستطيع التخلص من سطوته .. صحيح إن مزاج الشاعر الشخصي كان سبباً في كثير من التقولات التي أثيرت تجاهه لكن هناك كثير من الشعراء والفنانين الكبار أمثال : ماياكوفسكي، رامبو ، جوجان وكوخ وقفت أمزجتهم الشخصية عقبة في طريقهم إلا أنهم واصلوا إبداعاتهم متحدين أقدارهم لأنهم ساروا على طريق الثورة والإنسانية، وهم سواء ماتوا بالمرض أو سكتت قلوبهم بطلقة نارية فقد أنجزوا مهماتهم بنجاح .. والشاعر كان لو قدر له أن يعيش أكثر مما عاش لما كان أقل منهم عظمة، ولكن موته المبكر قضى نهائيا على هذا الاحتمال. ولا أخفي ما سببه موته المفاجئ من قلق وحيرة لأنني كنت أحد أقرب أصدقائه ، فما زلت أجهل سره . وأغلب الظن أنه دفع ثمن أخطاء غيره ، فآثر الانسحاب تاركاً لغيره أن يتقول على موته مثلما كانت حياته مادةً للتقولات في أغلب الأحيان. وعلى الرغم مما حفلت به نفس الشاعر من تناقضات فهو يعد من طليعة الشعراء التقدميين ومن أكثرهم استحواذاً على قلوب الناس لأن أشعاره وأغانيه ومسرحياته ذات النزعة الإنسانية التقدمية التي اعتمدت السهل الممتنع وضعت المتلقي في خضم الحياة الاجتماعية ، وان قصائده الوجدانية والسياسية التي اتسمت بطابع غنائي مفرط ساهمت هي الأخرى بشد عواطف الناس إليه، لأنه بواسطتها عرف كيف يشق طريقاً سهلاً إلى قلوبهم المتعطشة للحرية .
انظر إليه في قصيدة (قطرة المطر) كيف يدين شريعة الغاب ويشير بأصابع الاتهام إلى أولئك الذين ينصبون عروشهم على أشلاء الآخرين فيقول :
لن أحلق
مثل نسر جارح
لإفتراس طيور اليمام
لن أعلو مثل خيال بشع
لا يخلف غير السراب
إن ارتفعت
فسوف أغدو مثل بخار
يتساقط مطراً
على تراب اليمامات
التي تعشق الحياة والربيع والحب.
ثم يتصاعد الحس الإنساني في نبرته ويبلغ ذروة الانفعال في قصيدة (أحب كالإنسان) :
أنا إنسان
أهب قلبي طوعاً
لمن يحب الإنسانية
أنا إنسان أحب مثل باقي الناس.
انه يبحث عمن يفهمه وسط عالم يضج بالأنانية وحب الذات فيقول في قصيدة (عالم الحب) :
فقط أنت
تفهمين أغنية ربيعي
لأنني واحدة
من تلك الباقة الجميلة
من أزهار شقائق النعمان
المزهرة في قلبك.
ما أروعه حين يرى قلب الحبيبة يضم باقة من أزهار شقائق النعمان، ومع ذلك لا يريد الاستحواذ عليها كاملة بل يكتفي بزهرة من تلك الباقة حتى لا يحولها إلى أمة مستعبدة.. يكفيه أن يحتل حيزاً من ذلك القلب حتى يكون التواصل ممكناً بينهما:
أنت
أيضا أنت
تفهمين أسرار قلبي
لأنني قطرة من بحار الحب
التي تغمر قلبك.

هموم المثقف التركماني

كتابة : فاضل بربر اوغلو

همومنا كثيرة ومتشعبة ، وأوهامنا مبرمجة قائمة على حافات منزلقة .. وبين الهموم والأوهام اختلفت المعايير واختلطت التقييمات ، وبإفرازاتها وترسباتها الضاغطة هيمنت على آليات الثقافة وأشكالياتها ولأن هموم الثقافة التركمانية مشتركة لا تقبل النقاش البيزنطي فلا بد في مثل هذا الظرف الصعب المعقد أن نشرع أبواباً لمصارحة حقيقة جريئة من أجل منجز دال طموح ينفتح نحو الحضارات الجديدة ويعمق جذور التواصل بين مثقفينا ونوظف معطيات الواقع الحاضر من أجل التنوير والبحث في الدروب الفسيحة عن الأشراقات المعرفة الأكثر تماساً بهمنا والمشترك ومنح لثقافتنا صوتها الحقيقي النابع من الصدق والإخلاص والوفاء للقيم النبيلة التي رفع لواءها المبدعون الأوائل من الكتاب والأدباء والمفكرين والفنانين الذين كانوا يؤمنون بأن المثقف هو السبّاق دوماً للحفاظ على الذاكرة التركمانية ووجوده وتراثه وحضاراته من الضياع والعدم .
ومن أجل تسليط الأضواء على هموم الثقافة التركمانية فقد اقترحت علينا مجلة (يورد) في عددها العاشر لسنة 2007 لنفكر في همومنا وأثير في الفضاء الثقافي سؤال مفاده : هل لنا هم أو هموم ؟ .. كمحور مهم على بساط البحث والنقاش .. ونشرت قراءات جادة حول هذا الموضوع .. ففي افتتاحية العدد المذكور وبعد أن يضع الخطوط الحمراء تحت عدد من الهموم .. يتساءل الأستاذ : جلال بولات هل أثرت تلك الهموم على تفكيرنا وبالتالي على منهجنا السياسي ؟ .. ويستحضر تاريخ الأجداد ويدعو إلى اقتفاء مواقفهم المشرفة بالتكاتف والتلاحم وايلاء الاهتمام بلغتنا وأدبنا وثقافتنا (ولندع الأمور الأخرى التي تفرّق ولا توحد جانبا) .. وبصوت عال مفعم بالألم والحسرة يسأل : أين هو مجمعنا العلمي ؟ .. أين هي مراكز أبحاثنا الإستراتيجية .. أين .. أين ؟ ..
أن كل الشعوب الحية تحاول أن تحافظ على تراثها الإنساني وثراء فنونها وآدابها .. ويجب أن تكون من أولويات همومنا المشتركة الالتفات إلى هذه الميادين الإبداعية .. أن إقامة أو تأسيس مجلس للفنون و الآداب يضم تحت جناحه مراكز البحوث والعلوم والدراسات وكذلك المجمع العلمي التركماني مطلب ملح في هذه الظروف الحالية وخاصة بعد فتح المدارس التركمانية بالجملة ودخول التركمان في المعترك السياسي بقوة .. وحول نفس المحور يقول الأستاذ هاني صاحب حسن في مقال الموسوعة (السبيل الأمثل لانتشار الصوت التركماني) : (أن من أقصى همومنا في الانتشار وايصال الصوت التركماني إلى أبعد المديات هو الركود المفجع الذي يعيشه الواقع الثقافي التركماني في أوساط الأجيال الجديدة ومحدودية قدرتها في رفد فعالياتنا بدماء جديدة وطاقات خلاقة) .. وهذه مسألة مقلقة حقاً لذا فهو يدعو لوضع خطة مدروسة للنهوض بواقعنا الثقافي وايصال (صوتنا الحزين) وبكل قوة إلى الأوساط المختلفة داخل العراق وخارجه ويطالب الحكومة (لتقوم بواجبها أزاد الشعب التركماني سواء من الناحية المالية أو الإدارية أو المنهجية) .. وفي مقالة أخرى على صفحات العدد السالف الذكر من مجلة ( يورد) وتحت عنوان (هموم الأدب التركماني) يطرح الأستاذ رمزي جاووش السؤال التالي : بماذا يجب أن يلتزم الأديب التركماني في هذا الظرف ؟ .. ويجيب أن على الأديب الالتزام بتقديم أعمال أبداعية تتسم بالجدة والحداثة (لا أن يكرر المألوف من خلال الخوريات والرباعيات فقط ) ، ويذكرنا بثمانيات القرن الماضي حيث (قدم الأدباء التركمان نماذج من أدبنا يوازي ما كانت تقدمه الآداب الأخرى) فماذا حدث اليوم ؟ .. أين هو ذلك الأدب وأين أولئك الأدباء ؟ ويبدي قلقة بوضوح قائلاً : (أن الأدب التركماني في ظل هذا الواقع سوف يدخل عصره المظلم ) !! .. ويدعو إلى شحذ الهم وطرق أبواب الآداب كافة والابتعاد عن تصنيف الشعراء بعدد سنوات العمر بل لا بد أن يكون الإبداع فيصلاً في تصميم مثل هذه التصنيفات ويقول بأن ( ثقافة أية أمة تقاس بثقافتها ودمى مساهمتها في الثقافة الإنسانية ) ..
أن هموم الأدباء والمثقفين التركمان كثيرة وعديدة ساهمت الظروف الحالية بأجندتها المختلفة ومشاكلها المعقدة والأجواء السياسية الساخنة المتشابكة المصالح التي تعتمد غالباً حوارات التباعد والتناحر ولحج الآخر تلك الأسباب وغيرها أثخنت بسهامها ورماحها جسد المشهد الثقافي العراقي عامة والتركماني بشكل خاص وهي تستدعي منا إلى تضافر الجهود وتتطابق قناعاتنا وأفكارنا ونشرع الأبواب والنوافذ ليستنشق الجميع عطرها طيب ووفاء وسماحة الشعب التركماني ويتواصل المثقفين مع البعض بروح المحبة والود والتآزر وعدم الانجرار وراء العواطف المثيرة للاحتقان وأن نعطي لكل من أسهم في تشكيل لحمة المشهد الثقافي دوره وتقديره ومكانته اللائقة به ونضع لمبادئ النبيلة للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان أمامنا ويتوازن تفكيرنا في سياقها .. لابد أن نفكر ونعمل على تشكيل لجنة لوضع ورقة عمل وصياغة مقترحات وتوصيات وآليات عمل تشتغل على رؤى جديدة في الثقافة التركمانية التي يجب أن تكون أكثر حضوراً واستجابة لمتطلبات المرحلة الراهنة ولابد من دعم المراكز الثقافية وإتحاد الأدباء والفنانين وتشجيع الطاقات الشابة من أجل خلق جيل واع منفتح منور ..

بنات النعش




للشاعر الراحل : يالجين خيرالله بللو
ترجمة :
أنور حسن موسى

طوبى لكم
أيها الأخوان السبعة
ألم يدرككم التعب
من حمل النعش السرمدي
على أكتافكم؟
أما آن لكم أن تودعوه الثرى !
طوبى
فهل يا ترى
ليست في السماء مقابر ؟
أم أن الموتى هناك
مثل أقرانهم في الأرض
لا يسلمون حتى في مقابرهم
من معاول هذا الزمان القاتل ؟

إلى إشعار آخر



شعر : جاسم فرج
ترجمة :
أنور حسن موسى

أمس مات أبي
لا بعد مرض عضال
ولا في ساحة حرب
إلا أنه مات عن طريق الخطأ
حين انتابته نوبة صداع
وتناول قرصين
من حبوب (آرتين)
عثر عليهما في جيب قميصي ..

على أية حال مات أبي
ولم يترك لي من بعد موته
لا رغيفاً في الخوان
لا زهرة في حديقة
ولا حتى كلبا بوليسياً..

حقاً مات أبي
ودفنته في المكان الذي مات
لكن أبي ليس فرخاً
ولا القبر بيضة لكي يكسر قشرتها ..
هناك من رآه هذا الصباح
أبي كان ديكاً هرما
لم يتعب من كثر الصياح
صاح ستين عاماً
ثم مات..
لكن لم يمت وحده
بل مت معه
لأني حرمت من آخر قرصين
كنت أمد بهما العمر
إلى إشعار آخر.

وطن الألعاب النارية




شعر : آمنة محمود


* تمرغ السراب بالسراب
فتفجر نبع الذهاب.
الطائرات لا تمنح الإلهام البهيجا
بل تشق السماء عنه
فيسقط مقتولاً خديجا .

* بينما السناعيس بانتظار المطر
حضر غودو محملاً بالـ
(Infernal Machine) (1)

* في الساعة السابعة والارتجاج
...........................
يا بلاد المليون (شادي)
كم شادياً تقتطف السماء
كل صباح ؟

* الأم الميتة ..
تحتضن طفلاً ميتاً
الطفل الميت
يحتضن دمية
بحياتين .

* حين سقطت الأسلاك الشائكة
بين دولتي العذاب والعذوبة ...
أكملوا أنتم .

* غبار الدهشة
اصطدم بالغيمة العقيمة
فأمطرت ماحي الألوان
مذ ذاك شوهد حمورابي
يعدو في الشوارع بحثاً عن مسلةٍ
وتحولت نيدابة (2) إلى ندابة
تنفض عن يديها القصب
وتنعي الأهوار.

* بينما كانوا يركضون – خوفاً – صوب بعضهم
نفدت فيهم الحياة مرةً واحدة
وسقطوا سقطة واحدة،
فاصطدمت ببعضها أرواحهم .


تخطيط : الفنان ناصر خلف


* الفتاة التي وجدت معصوبة العينين
مازال لها طيف أعمى ..
يدور في نفس المكان
الذي لم تكد .. أن تمسك فيه أحد .
* الدمية التي قتلوا لها طفلها
توزع الحلوى في أحلام الطفولة
الراقدة في مشافي اليورانيوم .

* حتى شرطي الرب
لم يرجئه غبار الدهشة .. أو يستثنهِ
فبينما كان يحاول أن يحول .
ويمد جناحيه بين الطائرات وبينهم
قتلته الدهشة .. فمات من الخذلان

* مسرنمة (3)
تنفض الغبار عن الحُجَرِ الداخنة (4)
بمنديل دزدمونة (5)
كلما حاولت تأثيث الغيمة بالورد
ذبل الورد
وذابت الغيمة .

* يوسفية :
أكلنب الذئب يا أبتِ
ما ذنبهم إخوتي ؟!!
* آفلة
عثر عليَّ عداك
بينما كنت أتوخاك .

* موءودة :
إزرورق البحر لأنه مرآة السماء
فعلام يملأ الرمل مرآتي ؟!

1. الآلة الجهنمية : آلة معدة بطريقة شيطانية بحيث تنفجر وتقضي على الأنفس والأرواح .
2. نيدابة : آلهة القصب والهور في الأساطير السومرية وكانت مسؤولة عن موسيقى ناي العازفين وأسلوب كتابة شعر الشعراء.
3. مسرنمة (Somnambulist): السائرة أثناء النوم.
4. الحجرة الداخنة : (Smoke filled Rom ) غرفة يتفاوض فيها الساسة.
5. منديل دزدمونة : هو المنديل الذي كان سببا في تلفيق تهمة الخيانة لدزدمونة ومن ثم قتلها من قبل زوجها (عطيل) مثلما تجري الأحداث في مسرحية عطيل للكاتب الانكليزي وليم شكسبير .



بندر اوغلو .. رحيل النمط الإنساني

كتابة : هاني صاحب
لم أكن أتوقع بان تكون المكالمة الهاتفية بيني وبينه عشية إجراء عملية جراحية كبيرة له في القلب في العاصمة الأردنية عمان، هي الأخيرة، وقد أصرَّ فيها المرحوم على كتم خبر العملية عن جميع المقربين حرصاً منه على عدم تعكير صفو أحد فلقد كان رقيق المشاعر، تدمع عيناه لسماع خبر استشهاد صديق او حتى لسماع قصيدة مؤثرة، صلباً يتصدى بحكمه لأعتى القوى، جريئاً يواجه كل التحديات من أجل المبادئ التي كان يؤمن بها، قلت له مرة بأن هدف النظام السابق من الإجراءات التعسفية ضد التركمان هو محاولته صهر القومية التركمانية والقضاء على وجوده فرد على الفور ونحن نحول دون هذا المغزى البغيض، كان دؤوباً في العمل غزير النتاج وقد ذكر لي عندما كان يعمل مستشاراً ثقافياً لرئيس الجمهورية بأن الرئيس يعجب من حيويته وهو في هذا العمر! كان طموحاً يسعى بشتى السبل لخدمة الثقافة التركمانية وتطويرها، مؤمناً بالشعب التركماني كياناً ووجوداً وحضارةً وفكراً خلاقاً عراقياً أصيلاً، كان قياديا بالفطرة يجمع بين العمل الثقافي والعمل او الفكر السياسي المنفتح المتنور الواثق من النجاحات والمصر على تحقيق المكاسب لشعبه، لا يكل ولا يمل من العمل ليل نهار مبتكراً كل الوسائل والخطوات التي من شأنها أن تؤدي الى الهدف دون المساومة على الثوابت التي يؤمن بها.
حدثني في إحدى المرات عن زيارته مع وفد عراقي برئاسة عبدالامير معلّة الى جمهورية أذربيجان في العهد السوفيتي وكيف ان رئيس الوفد بعد عودتهم الى العراق قد رفع تقريراً الى قيادته يتهم فيه بندر اوغلو بشعوره وكأنه في أرض الميعاد وان المسؤولين هناك كانوا يهتمون به أكثر من إهتمامهم برئيس الوفد مما جعل المرحوم بندر اوغلو يحتقر معلّة حتى بعد تسنم الأخير منصب وكيل وزير الثقافة وقد شاهدنا أنا والأستاذ قحطان هرمزلي هذا الموقف في جله في بغداد كانت تجمعنا والمرحوم مع معلّة وعبدالرزاق عبدالواحد وخسرو الجاف وآخرين في مطعم صلاح الدين.
كان المرحوم إنسانيا يكره التعصب والشوفينية مع اعتزازه الشديد بقوميته التركمانية وكان يجهد دائماً لبناء أمتن الجسور والعلاقات بين القوميات والطوائف في العراق، كما كان يكره روح الهيمنة والتسلط ويصارح المقابل دون مهابة فهو الذي اعترض بشدة على منطق طارق عزيز في احد لقاءاته مع الإعلاميين عندما ذكر الأخير بأن (التركمان حفنة في العراق) ودخل معه في مشادة كلامية وكان الدكتور فاضل بيات حاضراً في القاعة.
كان المرحوم يحصد أكثر الأصوات في انتخابات الإتحاد العام للأُدباء والكتاب - المركز العام - بغداد إذ أن مجموع الأصوات التي كان يحصل عليها يفوق عدد أصوات رجال النظام والمسؤولين في الأجهزة الإعلامية الحزبية وكان يمثل مع المرحوم محمد البدري والمرحوم عادل فؤاد صوت المعارضة في الإتحاد وطالما كانوا يرسمون مسار الإتحاد ويوجهون آليته وبرنامجه بمواقفهم وصلابتهم وحضورهم القوي.
كان وطنياً صادقاً يهوى ان يلصق لفظ التركمان بلفظ العراق دوماً حتى في قصائده وكان طموحاً يخطط لمشاريع سياسية دون أن يتخلى عن نشاطاته الإعلامية والثقافية، لقد رحل على حين غرة وراح معه مشروعه الذي لم يفصحه لي..!
كان المرحوم رائعاً في تعامله مع الآخرين وكنت أحس ذلك وأراه بأم عيني وكان كثير الامتعاض من واقعه المر دون أدنى درجة تشاؤم بل كان دائم التفاؤل والأمل يلمع في عينيه في السراء والضراء، إنما أذكره ليس من باب اذكروا محاسن موتاكم بل هو غيض من فيض كان يلازم المرحوم طوال عقود من الزمن عرفت خلاله الفقيد عن كثب نابضاً بالإخلاص والوفاء والمحبة والشاعرية و .. و.. و ...لقد فقد العراق مثقفاً سياسياً تركمانياً كبيراً .. وفقد التركمان قيادياٌ ناشطاً يمتلك صفات كارزماتية نادرة التكرار.. تغمده الله فسيح جناته وأهلهم ذويه ومحبيه وأصدقائه الصبر والسلوان...
مازلت وكأنني لا أصدق أوكان حين خابرني من الأردن وكفاح من بغداد وهما يفجعان بقولهما : لقد غادر أبانا الحياة !! وهما يبكيان .. وبقيت وسأبقى مذهولاً لموته المفاجئ وسِرَّ اعتزازه اللامحدود بصداقته المجردة تماماً من المصالح معي !!
سيبقى خالداً في ضمائر كل المنصفين.

2008/04/11

قبل أكثر من ثمانين عاماً شاعر تركماني يمدح الشيخ الحفيد


كتابة : صباح البازركان
قبل أربعة وثمانين عاماً تحديداً عام 1923 شاعر تركماني من كركوك وهو عبد القادر قدري أرسلان بكزاده كركوكلي يكتب قصيدة مدح عن الشيخ محمود الحفيد – ملك كردستان باللغة التركية العثمانية نشرت في جريدة (روز كوردستان – شمس كوردستان ) ص 3-4 العدد (14) السنة الأولى الصادرة في 8 رجب 1341 هجري / 24 شباط 1338 ومن المصادف شباط 1923 م وهي صحيفة / رسمية كانت تنطق باسم حكمدارية الشيخ محمود الحفيد في السليمانية وهي جريدة سياسية اجتماعية أدبية أسبوعية كانت تصدر في مدينة السليمانية بالكردية والتركية بأربع صفحات صاحب امتيازها ومديرها المسئول م . توري والمحرر علي كمال صدر منها (15) عدداً بين سنوات 1922 – 1923 . تتكون القصيدة من تسع مقاطع بأربع وخمسين بيتاً شعرياً كل مقطع يحتوي على ست أبيات الأربع الأولى منها بقافية مختلفة والبيتين الأخريين بقافية موحدة لامية مكررة في نهاية كل مقطع كلازمة شعرية . والشاعر قدري يبدو أن هذا هو تخلصه الشعري في هذه القصيدة المكتوبة بالحروف التركية العثمانية المتداولة آنذاك يمدح الشيخ محمود ويعتبره شخصاً وطنياً وحاكماً عادلاً متديناً وأنساناً فاضلاً عارفاً بالله ويطلب من الله أن يديم عمره وينصره ويقهر خصومه وأن يكون ذو رفعة وجاه فهو شعلة وضاءة أحيا الدين ونشر العدل والإحسان حيث كانت كردستان غارقاً في الظلام والجهل والكفر والاستبداد فيعتبره أسد الله وسيفه المسلول في مقاومة المحتلين الانكليز ويصفه بنعوت قيمة شتى فهو ربيت عرفان أبن سينا وسخاء حاتم الطائي وزهر الرياض وبحر زاخر وصاحب حق وكنز الجواهر ومحاسن الأخلاق وشرف الأفاق والشمس المنير والجوهر الغالي وضياء الدولة ودافع المحنة ورافع راية الحزم ورئيس الأمراء والعازم الجازم لرضا الله ونبيه ويقول لو أكتب مئات الألوف من الصفحات في مدحك لا أكمله ثم في المقطع الأخير يخاطب الشاعر قدري الغوث الأعظم ويحسب نفسه من مريده وروحه فداء آل مصطفى ومخلص لأولاد أحمد الشيخ الجد الأعلى للشيخ محمود حكمدار كردستان أن لا يزول حكمه ولا يغيب شمس ملكه ويديم ظله وأن يفني خصومه بقدرة الله تعالى وهذه نسخة مصورة من القصيدة التركية بعنوان معاني أسلامية وفضائل أنسانية إلى الحضرة الملكية تحفة ... ومن المؤسف لا نعرف شيئاً حول تاريخ حياة هذا الشاعر الكركوكلي متى ولد وتوفي ؟ وهل له قصائد أخرى أو ديوان شعري مخطوط ؟ ومن الجدير بالذكر أن أغلب الباحثين لم يتطرقوا إلى اسمه ولم يبحث أحد عن شخصية وحياة هذا الشاعر .

سركون بولص في إضمامة من قصائده القديمة

كتابة: فاروق مصطفى
صَدم الموت الفجائعي للشاعر الكركوكلي الحميم " سركون بولص " قلوبنا لأننا نعلم نحن صحبتهُ وقراءه أنه لم يكمل المشوار الذي حلم به لأنه كان يحمل الكثير من النصوص التي لم يكتبها بعد وكنا نحن بانتظار تلك الأوراق التي كعادتها تحمل الإبهار والأوهام وأنهاراً من الأسئلة الدافقة ، سركون هذا الشاعر الجوّاب والناثر الجوال التي قضى أعوامه ألأخيرة متنقلاً بين " سان فرانسيسكو " و " برلين" و " لندن " وحاملا الفانوس والعابر أقاليم خوفه أسيجة خوفه في مركب " نوح " بحثاً عن الأزهار الفريدة في ضوْعِها والغريبة في لونها إنه المبتل بأمطار كركوك والمُسنبل في أقاصي نيرانها الأزلية .
قدم " سركون " إلى كركوك عام 1956 وتتلمذ في مدارسها وأبصرَته أول مرة في أعداديتها كان يسبقني عاماً دراسياً ، جسده النحيل وشعره الفاحم غدوا معلمين أليفين عندي ومع مصادقتي لوجوه الصحب الذين عُرفوا فيما بعد بـ " جماعة كركوك " " سركون زهوة الجماعة ، يأتي الصحب دائماً ممتطياً دراجته الهوائية وهو يهبط من بيته المستلقى على مرتفعات محلة " تبة " شنالي المدينة ، جيوله ملأى بأوراقه التي حَبّرها ، قصائد ، قصص ، مترجمات ، وهو رسام وقد أطلعنا على العديد من لوحاته ، وكثيراً ما كان يدفع لي قصائده أقرؤها بصوتي كان يطرب ويخبر بقية الصحب بتلذذه بذلك في هذا الوقت ظهرت نتاجاته على صفحات مجلة ( العاملون في النفط ) وجريدة (الأنباء الجديدة) وصحف بغدادية أخرى ، وفي وقت قريب تخطن كتاباته العاصمة (بغداد) وعبرت الحدود وطفقت تظهر في مجلتين (( الآداب )) و (شعر) في بيروت وخاصة المجلة الأخيرة فتحت صفحاتها لأستقبال هذه الموهبة القادمة وجدأ أسمه يترسخ في خريطة الأدب ، يقيم عوالمه الشعرية ويغتصب الساعات الهاربة بكلماته المجنحة .
يقول الشاعر في قصيدته الموسومة ( آلام بودلير وصلت) والمنشورة في مجلة (شعر) العدد 41 شتاء 1969 :
ماذا أفعل بحياتي ؟
هنالك باحذة ضائعة نزعى بين أحشائي
وأصادف ذات يوم ملابس بودلير الداخلية
كيف وصلت إلى بيروت ؟
آلام بودلير وصلن عن طريق البحر)
وكذلك سركون ركب غيمة غضبهِ وعبر الحدود العراقية إلى بلاد الشام ومنها هبطَ ببيروت وهناك أحْتفِىَ به من قبل جماعة مجلة ( شعر) وفي مقدمتهم الشاعر( يوسف الخال) الذي عاد سركون وأهدى إليه مجموعته الخامسة ((إذا كنت نائماً في مركب نوح )) إلى (يوسف الخال) الأب في ذاكراة الدائمة ولم يطل به المقام بلبنان إذ تركُه إلى الولايات المتحدة عام 1969 ونزل في مدينة (( سان فرانسيسكو )).
قصائد (سركون) حملت نكهة جديدة وكأنها قادمة من جزر الكلمات البعيدة وقد أغتسلت بضوء النجوم وهي مبتلة بأسئلتهِ الدافقة التي تكشف عن ذلك المبُحر في نهر الحياة الغامر إنه يجذفُ ويجذفُ للوصول إلى مدينة (أين) وقد ألتقت في قصائده ثقافات ، الثقافة العربية وقد طعّمها بقراءاته العميقة في الأدب الأنكليزي ثم أضاف إليها خليفيته المسيحية التي أصطبغت بثقافة كركوك الأشية التي تعيش فيها عدة قويات متآخية ومن هذا المصهر خرجت قصائده لتحرث في أرض بِكر وتنبت فواكهها الغربية والمدهشة وهو شاعر المجازات الماتعة التي تسيل بين يديه ، يقول في أحدى قصائده (تاريخ حياة مفتوحة) :
ماضٍ وسكين تريد الأرتجاف
في شرق أعصابي في مرتفعات ضَجري
ماضٍ من النثر ، من السير
هناك في وعاءٍ المطرِ
إنه ينحت أشراقاتهِ الشعرية بأصابعه النحيلة ، ولكن المقتدرة ويجعلها تضيءُ دواخلنا لأن تكشف تضار يسها أشواقنا ، توقنا ، أحترقاتنا إلى معرفة المجهول والأبحار في تَيْهِ الأنسان الذي يضرب قوارع الطرقات تحت أمطار الشتاء نحو أية زاوية حسنة الأضاءة :
أية أنواءِ هناك
تسحب الأجناس نحو
هوّةَ النوم ، إضاءة ، ظلام
ليل على النهود والأطفال والزنوج
مناهج الريج المقوسة
ترمم الألسنة المهجورة
الشهور
منافذ ، باب ، هناك ، لَمْ يَعُدْ
إنه حلم الأنسان ، الشاعر ، الجّوال في أن ينفتح البابُ ليبصرَ مالم يُبصر ويعانق مالم يُعانق ، وهكذا حلّق (سركون) من كركوك إلى بغداد ومنها إلى بيروت ثم عانق العالم الجديد ، وسكن فترةً ( سان فرانسيسكو) ثم عادَ إلى أوربا وبالتحديد إلى (برلين) ليكون قرب أصدقائه من (جماعة كركوك) (فاضل الغزاوي و مؤيد الراوي) الإن الداء لم يرحم جسده فتوقف قلبه صَباح أحد الأيام في مستشفى من مشافي عاصمة ألمانيا .
يقول عنه الشاعر (عباس بيضون) : هو أقرب الشعراء إليَّ والحق أنني ما إنْ قرأت قصائده في (مواقف) حتى ذُهلت كانت هذه واحدة من اللحظات التي نشعر فيها بشرارة الشعر تحترقنا هذه الشهادة التي جاءت بكل صدق في حق الراحل (سركون) تضاف إلى عشرات الكلمات التي كتبت في تأبينهِ في مديح هذا الأنسان الذي ترفع عن التوافهِ ويسكن شعره إذ أحالهُ إلى وطنه البديل وبحث عن الأنهار التي تقوده إلى الضفاف البعيدة ليأتي لنا بقصائده المحملة ببروقها وأ\مطارها وهي عزاؤنا برحيله الذي صَدم محبيهِ ، وصدم قلوبنا التي أحبته ، وهنا إضمامة من قصائده القديمة أرسلها من بغداد إلى بيروت وقد ظهرت على صفحات مجلة شعر البيروتية العدد 36 خريف 1967 :
الغيوم في الجسد

يرى سياجَ الصبر . الخوف
نبيذ في زجاجة الجسد
يرى وتنحنى الغيوم في الجسد
العشب يخفي أثر الكحول
وبصمات الليل والذي يرى
يتابع القدس الوحيد – ممـلكة الزَبد
يتابع الجرح الذي يعزف فـي الجسد
والمرضَ المحاطَ بالطيورِ
بالملحِ والنشيدْ
مدخل
تمهيد هذا المدخل المليء
بالأوراق بالسنوات المجهضة
ثم العبور نحو هذا البيت
نحو يدين نامتا في نافذةٍ
نحو فم منتَهلٍ يحرقه
نحو حقولِ الدمعِ جفنُ أمرأة
ثن العبور للجموع والخروج
للطرق المخفاةِ في صبحة ذئب
في ثلوج النوم في موَتِ الزنوج
الطرقات المخفاةِ في السرير
في خريطة الخوفِ . وهل أجدها
قبل أحتضار العازر الأخير ؟
فنار
لا لستُ أَعني جسداً
أربطه بشهوتي
أخْفضه ، أرفعه
أجرّهُ بين فنارات الحقول
أعني يديك أنتِ أو
أعني وقوفك خلال موجتي
تمشطين غضبي وترفعين لي فمَ الطبيعة
ذاكرة في حدودِ الماء
البحرُ ينفي نفسه
وينتهي بمهل
ويُبْدلُ الموتَ بلون ،
مَغرمَ الأيدي بتجويف الصباح
عاشقاً ومقفراً . ( وربما
جاءت إلى مياهه الخضرِ فتاة
وأستسلمت )
البحر ينتهي بمهل
والليل لا ينقذ من شيء ولكنَّ له الثبات
دون أنحناء ، حركات
أحتفال بالسرير
والموت سهل
بابٌ ، وعين نَلتَقي هادئةً
ببحرها
والبحر يبدأُ
وينتهي بمهلْ

البحث عن سركون في حانة الكلب

كتابة : محمد خضر
منذ بدء رحلة الأمريكان إلى بلاد النهرين بدأت ثقافة جديدة تظهر وهذه الثقافة تنوعت بين الأدب والفنون وهي عبارة عن قشور أحرف أسقطها الأدب من كل قواميسه وتربع الهامشيون على هرم مناصب ومراتب وجلسوا على كراسي الهواء الفاسد ليطلقوا ريح ما تعلموا خلال السنوات الأربع بعد ابتعاد الأدباء والمثقفين والفنانين عن الساحة المفعمة بالسوداوية أصبح هؤلاء الشعراء والصحفيين ومخرجين يطرحون ما يريده من يدفع لهم بغض النظر عن أن يكون النص مسروقاً أو الإخراج مكرراً من زمن التصفيق أو مقالة استلت من مجلة قديمة هذه الكلمات استذكرها بعد ما رأيت من كتابات بالمئات يومياً عن سركون بولص منذ وفاته 22 / 8 / 2007 في بلاد الغربة (ألمانيا) أذكر الآن أنني قدمت في آذار من هذا العالم 2007 دراسة في أمسية شعرية قدم فيها شعراء ورياضيين وكانت هناك مداخلات ومساجلات عن أدب وخدمة هؤلاء إلى مدينة كركوك . وحين كنبت عن الأمسية هذه كتب عن الجميع بأسطر إلا سركون فما ذكر عنه لا يتجاوز (ستة كلمات) في جريدة كركوكلية والطامة الكبرى حين قراء سركون بولص وسيرته الذاتية تم أرد فن إلى أعماله الأدبية من شعر وقصة وترجمة ورسم لم يكن أحد يتصنت له ولا أحد يعرفه رغم أن الحضور مصوبين على الأدباء والمثقفين في كركوك وعددهم لا يتجاوز أصابع اليدين إضافة التي رواد الأماسي الناشئين في كركوك والذين لا يتجاوز أيضاً عددهم العشرة المشكلة أن 2% فقط كانوا يعرفون من هو سركون بولص لأن الآبقين اعتبروه كاتباً ناشئاً لأن عنوان القراءة كان البحث في (حانة الكلب) وهي أحد قصص الراحل سركون بولص . أذكر هذا المثال بعد أن أزداد أصدقائه ورفاقه بعد موته وبدأ كل منهم يستل قلمه لكي يسطر ما أمكنه من الأكاذيب وقصص وهمية وأحاديث ملفقة أضيف إلى ذلك ما أستطاع البعض من سرقته عن طريق الانترنيت لكي ينسبه لنفسه رحم الله سركون بولص الذي كان علماً من أعلام كركوك وأستطاع أن يضئ باسمه في سماء الثقافة العالمية وأصبح أسمه مرادفاً لكركوك مع الراحلين جليل القيسي وجان دمو ويوسف الحيدري والأدباء فاضل العزاوي ومؤيد الداوودي وأنور الغساني والأب يوسف سعيد ويبدو أن كركوك بدأت تفقد أدباءها واحداً تلو الأخر بدءً من يحيى قاسم وحازم فاتح وياوز الهرمزي وفي العام المنصرم فقدنا رعد مطشر وعباس عسكر وعدي ريسان وأخيراً سركون بولص . وقد يكتب عنهم أو لا يكتب هذا ما الظروف السياسية والاقتصادية لجيل الغد إذا ما ازدهرت أحبة الثقافة في العراق القديم الجديد .

2008/04/10

قيامة النار

قصه قصيرة : قاسم فنجان
بزهو يغادرها الحريق مكللاً أتونه باندحاري، منكسراً يخلفني على مقربة من شوائها، أنظر بالرماد المتراكم في مجمرة المشفى وألغو بهُذاءٍ راح يتمطى في ذاكرة كانت تلطف قيامة النار في جسدي وتعطف على موت مجاني لي، موت حل ذات كارثة بي أو بها لا اعلم..حدث ذلك في شتاء عاد بي لخريف حل على ناصية حياتي كالجحيم، شتاء حرضها على الغياب وحرضني على الجنون لأستصرخ من لا شأن لهم هكذا:
هل ماتت؟
ستموت إن لم يسعفها الأوكسجين بالحياة.
وأمها؟
ماتت وكذلك أخوها لقد وضعا حداً لعذابهما الأبدي.
تحجرت مفاصل الزمان وأنا أصغي بارتباك لحوار الموت في مشفى تناثرت فيه ذكرياتي بين ردهة للحروق في ذاكرتها وغرفة للنوم في ذاكرتي، ذاكرتي التي هي الآن منفلتةً أكثر من أي وقت مضى أمام جسد ٍ يحمل رائحة البرتقال..
هل أنت زوجها؟
لا
إذن أنت شقيقها؟
كلا
غادر الردهة في الحال، ليس من اللائق أن ترافق فتاة لا تعرفها.
غابت الردهة في صمت عكسته الأنوار الخافتة والملاءات المتسخة وتسامت فجأة في الفضاء رائحة نفذت إلى روحي لتعيد برتابة الظلام صوت فيروز الجميل..
شايف البحر شو كبير..كبر البحر بأحبك.. شايف السما..
هل تحبني؟
احبكِ..
هل تعلم؟ ان الرجال في نظري رجال .. أما أنت فشيء آخر..
وكذلك أنتِ شيء آخـر.
ثم عادت تجرجر جسدها المليء بالتضاريس صوب سهولي وتغمرني بدفء وتقول ..
لماذا أنت بعيد هناك، تعال..تعال..
اعتدلت ملبياً ندائها القريب وتقدمت فاستوقفني شرطي الردهة..
إلى أين؟
إليها قلت!
لن يسرك منظرها الجديد فالنار قد شوهتها تماماً.
جلست القرفصاء على بلاط الردهة البارد مطرقاً في بابها الموصود يائساً حتى تسلل صوتها ثانية..
لم لا تدخل ، لقد تركت لك الباب موارباً...
سأدخل.. لكن المصباح !
هشمهُ..! قالت..
هشمته فرانت عتمة أبدية في فضاء الردهة، تأملت وجهها المضيء في الظلام ، كان الرماد جميلاً على وجهها.
ماذا فعلت يا مجنون، لقد هشمت مصباح الردهة ، قال الشرطي وهو يجرجر جسدي ويتغابى عن رنيم صوتها المدويّ في رأسي .
لماذا لا تدخل.. لقد فتحت لك الباب.
انفلت من قبضة الشرطي و دفعت الباب بقوةٍ ، دخلت الردهة ثم أرخيت رأسي المتهالك على صدرها و استمعت لوجيب كارثتي يتسارع قلت:
إن أنفاسها تتعالى يا دكتور.!
اعلم- قال الطبيب - إن الدماغ بحاجة للهواء.
لأفتح النافذة.
افتحها فالأعمار بيد الله.
فتحتها فتحشدت الأضواء بغتةً في غرفة النوم وشع صوتها ناعماً من هناك..
ماذا فعلت..أغلقها إن الجو بارد وأنا نصف عارية..
تمعنت بها ، كانت عارية إلا مني، متكورة كالحياة ومتقدة كالجمر على سرير نومها الوردي .
انظر!-قالت- نظرت فأشارت بأناملها البضة إلى القمر الفضي و قالت.
في الغياب ستجدني هناك ارسم برماد القلب الذي احترق مأوى يؤوينا بعد الموت..
رفعتُ رأسها بحنوٍ وضممتهُ بحنان إلى صدري ، فأيقظني صوت المضمد وهو يغلق النافذة..
لماذا فتحت النافذة إن الجو ملوث وجروحها متقيحة، سوف تتسمم .
شرع المضمد يسلخ بمشرط أعمى جلدها المحروق ويرميه بسلة المهملات..تهاديت على سرير فارغ أشاهد فاجعتي وأراقب بوجع ما يجري..
مهزلة ان تنتهي أحلامنا هكذا..
كان المشرط ينغز في جسدي وكان الأنين يدوي في رأسي وكان صوتها الساحر ينساب بارداً كالفجر..
لا تنمْ ان الفجر بعيد ، هيا افتح أزرار القميص وابسط كفيك على فخذي وأشعل السيجارة ، فعلت مثلما امرت وراقبتها بحزنٍ ، كانت تطفئ في صدري جمرتها ناخرةً لها في موضع القلب ندبةً لا تندمل أبدا ، ندبة على نارها انتبهت- فقلت-
آلمتكِ ؟
قالت- آلمتكَ ؟
رجرج المضمد ذاكرة المشفى النائمة في هذياني الخدر وأيقظ نداؤه المشؤوم سبات أعضائها المتراخية تحت ملاءة الموت.
لقد انقلب بؤبؤ العين والدماغ على وشك الموت.
اعلم اجابه الطبيب فالأوكسجين شارف على النفاد.
ردد احد المرافقين في ردهة الحروق..
إن الآجال تدنو والصبر مفتاح الفر.........
تفتقت ذاكرتي وانا أصغي بارتباك لوقع خطى الموت في رأسها، ووقع عدوه المرعب في قلبي، كدت اجن من الروع فقالت:
لا تخف..أنا لن أموت فأنت لي حياة أخرى ، يمكنني العيش بها مرات و مرات ثم أضافت:
أنا لك أو للترا.............
كممت فمها بفمي وضحكت ، ثم بكيت عليها في الردهة ، بكيت و بكت ، امتدت كفاي المرتعشتان لوجنتيها الملتهبتين، كان دمعها دبقاً كالعسل .
عسل.. دعيني أقبلك من عينيك.
قالت: لا..لا.. لا تفعل إنها إشارة للوداع وفأل سيء تقول أمي.. ثم ركضت ينبض في قلبي قلبها وتلهث رئتانا سوية.ً
ركضتُ وركضَ الطبيبُ يتبعهُ المضمد الذي كان يدفع عربةً لها قرقعة كالاحتضار، توقفا عند سريرها الأبيض في الردهة وخلعا كمامة الأوكسجين من وجهها ، انتصبت بذاكرة سائلة مستحيلاً لقوام منخور لا يتساوق مع قامة جمرها فأدركت ان قيامة النار قد حلت في جسدها ، جثوت على ركبتي يائسًا وسألت الطبيب بانكسار:
ما العمل يا دكتور؟
ان الحال يتوعد بالزوال والدماغ يحتضر..قال الطبيب..
كررت يا دكتور ما العمل؟
التزم الطبيب الصمت تماماً وتلاشت القرقعة المشؤومة ليحل محلها رجع صوتها الأخير...
أتلو عليّ ما كتبت فأنا في شوق لسماعك دائماً...
امنحيني من نارك ناراً ألطفُ بها صخور الحزن واغرسي بي من جمرك شارة الجمرِ قبل الزوال..
صفقتْ بفرحٍ لاحَ على سحنتها السمراء و صفقتُ على وجهي حين جاء الوعد المصمم على غيابها قاسياً يرنَّ في رأسي كالأجراس..
لقد أزفت الساعة، افتحوا الأبواب والنوافذ!
فتح المضمد باب الردهة وفتح الطبيب باب الغرفة وفتح من لا اعرفه جميع النوافذ، دخل الهواء وتسريت روحه الباردة إلى جسدها المستعر، ارتعشتْ من البرد الغازي وبوجع تململت حنجرتها المحروقة مستجيرةً بيّ...
لم أنت بعيداً هكذا.؟ تعال.. ان برودة البلاط تتسلق من قوائم السرير إلى جسدي الملتهب..أنني أتألم..أتألم..
اقتربتُ فاحتوتْ ذراعاها الرحيمتان جسدي الضئيل، ضمتني بقوةٍ إلى صدرها المحترقْ فبكيت..!
لا تبكِ – قالت - لقد عطرت لك المنديل برائحتي..تشممهُ بقوةٍ إنه للذكرى وللذكرى فقط!
رفعت المنديل إلى وجهي وأخذت أتشممهُ حتى استشرتْ في دمي رائحة البرتقال بشدة، ارتعدت من ضوع رائحتها المباغت في أوصالي وأدركت أن الأجل الأسود قد حان ، صرختُ بالمضمد الذي تغابى عن حضوري :
هل ماتت؟
قطع المضمد صرختي بالديتول ثم تظاهر بالصمم وهو يرش بلاط غرفتها بالسم، فَحَتْ رائحةُ الموتِ وسَمتْ رائحةُ البرتقال واختلطتْ الروائحُ في رأسي حين أعلن الطبيب صارخاً..
ماتت..! قال وهو يواري بجسده الحزين وجهها عني.
ماتت..! قالت أختها وهي تغطي بالملاءة المرقشة بالرماد وجهها الجميل .
ماتت.. ! قالت امرأة تعرفها ، يرافقها رجل لا اعرفه قال..
ماتت.. هل أنت زوجها؟
.......................!
إذن أنت شقيقها؟
.......................!
غادر الردهة في الحال، ليس من اللائق أن تبكٍ على فتاة لا تعرفها!.

شؤون ذاتية

شعر : ماهر عبدالله
(1)
حياتي مفلطحةٌ
وأنتِ مصرةٌ على الاحتفاظ بي في قلبِكِ المائلِ
متى تدركينَ
أن حساسيتَكِ هذه تسببُ لي حكةً شعريةً ..؟
(2)
بكلِّ هذهِ الأيام الرمليةِ
كيفَ
أبني حياتي .. !
كيفَ . .
سأستمرُّ بالقفزِ أو التسلقِ
في حياةٍ قشريةٍ .. خاليةٍ من اللُّبِّ .. ؟!
(3)
خلعتُ أيامي ونزلت الى الموجةِ
الموجةُ أولُ صفعةٍ دفعني بها البحرُ
لم تكن للشاطئ ذاكرةٌ تتسعُ لأثري
لم يكن للبحرِ غروبٌ أعرفهُ
والشعرُ يطرقُ على وحشتي : آه .. أريدُ اُمــي …
(4)
حينَ يسقطُ المطرُ
كل الأشياءِ ، تسقط
بنظري
أنا لا أعرف معنى أن أسقطَ
أو أن أكون سامياً !
فالرجلُ يسقطُ
والرطبُ يسقطُ
والدولةُ تسقطُ
ودمعُـكِ أيضــاً ..
حتى أنتَ
أيهـا الشعر
تسقطُ
بنظري
حينَ يسقطُ المطرُ ..!
(5)
على شرفةٍ ضيقةِ من حياتي
لا أعرفُ لماذا الربُّ أوجدَ هذه الضفادعَ النادرةَ تحتَ لساني ..!
المخلوقات المريضةُ التـي أؤمن بها ، هي أصابعي
والشعرُ ضـيـقٌ .. ونادر
فهو ضفدعٌ أيضاً
ومريضٌ
مثلَ إصبع
(6)
أخبرتني جدتي أنني اشبهُ جدي
بينما كان جدي يقول ..
أنك لا تُشبه أحداً . . !
(7)
حذائي .. الشيء الوحيد الذي يلمع في حياتي
حياتي .. تلك السوداء حتما .. بحاجة للتلميع
إن صادف ومررت من أمامي ..
حافياً ..
لمَ لا تلبس حياتي
أيها الحذاء ..؟!
(8)
ست .. ست .. ست
أشارت المعلمة:
- قـم ...!
- ست .. لا .. لم أرفع يدي
منخفض أنا .. وأكره المرتفعات
(9)
ناعمة أنتِ
وبيضاء ..
وحياتي بحاجة للتجليد ...!

( 10)
لو كنتُ كلبا
لاقتفيتكِ الآن ..
بدلاً من معاقرةِ
نوعٍ رخيصٍ من البيرة كهذا ..!
(11)
أحبك
أيتها الشيء ..
مادمت أفضل من لاشيء..!
(12)
رغم أنكِ ..
بقوةٍ تتنفسين
عيناكِ وزجاجهما
ينفجران بالبكاء .. !
على أيـةِ حــالـــ ..
الهواء
الزجاج أيضاً
كان ضدي في مناسباتٍ منفجرة
كهذه ..

لقاء مع الكاتب بهجت صادق إبراهيم طوزلو

كاتب متعدد المواهب والقابليات
أجرى اللقاء : أحمد محمد كركوكلي
بهجت صادق طوزلو .. أغلب الظن أن هذا الأسم ليس غربياً على متابع الثقافة والصحافة التركمانية .. حيث أنه أحد الذين ينهلون من منابعها ويقدمون من خلالها كتاباتهم وأفكارهم التي تنم عن قدرة التواصل والبحث عن خفايا واسرار العطاء التركماني بكل دقة وأهتمام .
ولأن عطاءات بهجت صادق تخدم مسار الثقافة التركمانية بؤوى واضحة فقد أرتأنيا أن نقدمه لقراء (( يورد )) الأعزاء عبر هذه المحاورة السريعة ونلقي الضوء على بعض أهتماماته المتعددة .
سيرة ذاتية
بدءاً نود أن نتعرف على سيرتك الذاتية ؟
ولدت في مدينة طوز خورماتو من أبوين تركمانيين وترعرعت في ربوع هذه المدينة الهادئة الوادعة وأكملت الدراسة الأبتدائية والمتوسطة ثن أنتقلت إلى بغداد . . أكملت الدراسة الثانوية في أعدادية التفيض ببغداد ، ثم حصلت على دبلوم في المحاسبة وأدراة الأعمال كما حصلت في بغداد دبلوم الطبي الفني أيضاً تم تعيني في قضاء كفري وبقيت فيها أربع سنوات ثم أنتقلت إلى مستشفى كركوك الجمهوري كمحاسب ، ثم مدير حاسبات في المستشفى العام بكركوك ثم نقلت إلى دائرة صحة صلاح الدين وعملت فيها عشرة أعوام كمدير حسابات .
كيف وفقت بين أهتماماتك الأدبية والأعمال الحسابية ؟؟
كنت أقضي أوقات فراغي بالقراءة ونمت لدي قابلية الكتابة بالرغم من كوني موظف حسابي أمارس مديراً للحسابات في دائرتي وبدأت بكتابة مقالات في مجلة الأخاء ثم في جريدة (( يورد )) وأتذكر أن أول مقال كتبته في مجلة (( الأخاء ))في جريدة (( يورد )) الأسبوعية . وقد حاولت أن أوفق بين هواياتي الأدبية وأعمال الحسابية وفق تنظيم جدول زمني لمواصلة جهودي .
أصدارات بهجت صادق
ما هي أصداراتك المطبوعة ؟
وظفت جهودي لأصدار عدد من الكتب لأغناء المكتبة الثقافية من هذه الكتب :
الدليل الأدبي لجريدة يورد خلال 18 سنة تضمن هذا الكتاب أعطاء فهرسة لجميع المقالات الأدبية المدونة من العدد الأول إلى العدد 917 يسهل للدارس عن جريدة يورد مهمة التقصي والبحث . علماً أنني أملك أعداد الجريدة كاملة من العدد الأول إلى العدد الأخير حتى السقوط بمجلدات خاصة لكل سنة ومتسلسل .
الأحجار الكريمة والمجوهرات .
ولو تسألني عن سبب أختياري هذا الموضوع أقول لك أن لدي ألمام في أنواع الأحجار الكريمة من ناحية أصل الأحجار الكريمة وأنواعها وندرتها وجمالها وصلاحيتها وكقافتها ووزنها مما شجعني على جمعها وأصدارها على شكل كتاب يفيد الدارس .
أذن أن هذا الولع جعلك تغور في الأعماق وتنبحث عن الخبايا والأسرار ؟
بالتأكيد .. وجدت هذا العالم الجميل النفيس حيث أن المصادر قليلة جداً لا سيما في العراق وأحببت أن أولف كتاباً لهذا العالم الجميل ( عالم الأحجار الكريمة ) من الياقوت والزمرد والعقيق وبان زهر وعين الشمس ، والزبرجد والفيروز ، والكهرمان ، واليشع والجزع وغيرها من الأحجار .
فضائل الأتراك : رسالة أبو الجاحظ :
هذا الكتاب من تأليف الأديب الموسوعي الجاحظ ضمن رسائل الجاحظ في (مناقب الترك) . وأن كثير من الأدباء والقراء سواءاً من أخواننا العرب أو الترك ليس لديه المام في نطاق هذه الرسالة ووضعت فن الدراسة والتأليف قمت بأعطاء مقدمة عن أصل هذه الرسالة ومراجعة مضمونها لتكون قيد الأطلاع والرجوع إليها بأن هذا الكاتب العربي الموسوعي المعروف قد أصدر في حينه ضمن رسائله (مناقب الترك أو فضائل الأتراك) ونبذة قصيرة عن أصل التركمان والحكومات والأمارات التركمانية في العراق .
شهريار الهام قيناغي :
هذا الكتاب دراسة لمنظومة الشاعر الأذري المعروف محمد حسين شهرياء لمنظومته (حيدر بابايا سلام) حيث اعطت هذه المنظومة صدى عميقاً في الدول الناطقة بالتركية حيث صدرت في كثير من الدول مناظرات ممائلة لمنظومة شهريار (حيدر بابايا سلام) في تركيا وآذربيجان وإيران والعراق للشعراء التركمان في العراق منهم :
طوز خورماتو / حسين على مبارك
كور كور بابا / إسماعيل سرت توكمن
كور كور بابا / د . عبد اللطيف بندر اوغلو
قه يته ز بابا / محمد بيات اوغلو
وطن دستانى / د. صباح كركوكلي
غلام بابايا سلام / صلاح الدين ناجي اوغلو
باليم بابايا سلام / حسن كوثر
ثيل سيوكيتي دستانى / خضر غالب كهيه كيل
دده قمبر ليلان دستانى / صابر ده ميرجى
دستان يازار لاينا دستان / صابر ده ميرجى
قوجا خونكار دستانى / شمس الدين توركمن اوغلو
نركيز خانيم / د . صباح كركوكلي
طوزو بالام نورده ن / فوزي أكرم
آصلان بابا دستانى / صابر ده ميرجى
صفحات من ذاكرة التاريخ :
مجموعة من المقالات أدبية وتاريخية قسم منها نشرت في مجلة (( الأخاء )) وباريش وبنار وتوركمن يازارى ويضم الكتاب بين دفتيه مقالات من السير الذاتية ودراسات منها : فضولي جلال الدين الرومى – طاغور – محمد أقبال – الحلاج – ملا نصر الدين حجى – تاج محل – غويا – رسول حمزة توف – النقود – هواية جمع الطوابع – الخط العربي – الأحجار الكريمة – أدب الأزهار – حماقة كركوك – جريدة الزوراء – السلاجقة ومواضيع أخرى
طوز خورماتو اوزنلاريميز وجدانندا :
هذا الكتاب يتضمن نبذة مختصرة لمدينة طوز من قبل الشعراء الأفاضل : حسن كوره م – صلاح نورس – عبد اللطيف بندر اوغلو صباح كركوكلي – أسعد اربيل – اوميد عثمان كوبرلو – أحمد محمد كركوكلي – أكرم طوزلو – غالب كفرلى وغيرهم .
مختارات من الأدب الفارسي :
الكتاب دراسة في الأدب الفارسي بضمنها سير ذاتية لعمالقة الأدب الفارسي منهم حافظ الشيرازى ، فريد العطار ، سعدي الشرازى ، عمر الخيام ، أبو القاسم الفردوسى ، محمد شهريار ، مولانا عبد الرحمن الجامي .
أهتمامات وهوايات
إلى جانب أهتماماتك الأدبية نعلم أن لك أهتمامات أخرى ؟
نعم لدي أهتمامات متعددة منها الرسم ، حيث تسحرني الأوان وحركة الفراشاة في التعبير عن المواضيع التي تنقلها اللوحة ، جربت حطي مع هذا العالم الساحر ورسمت عدد من اللوحات الزيتية ووزعتها على الأصدقاء والمقربين ومن الهوايات المحببة إلى نفسي هواية جمع الطوابع علماً أنني عضو في جمعية هواة الطوابع والمسكوكات العراقية ولدي الكثير من مجاميع الطوابع العراقية الصادرة منذ تأسيس الدولة العراقية ولحد سقوط النظام وأكثرها مجموعات غير مستعملة كما أهوي جمع العملات الوقية والمعدنية وأصدرت بصدد هذه الهوايات مجموعة من (( السلسلة الثقافية منها :
هواية جمع الطوابه البريدية
هواية جمع النقود
الملك فيصل الثاني
فن الأستشراق
في ظلل الفن
ما جديدكم القادم ؟
لدي سلسلة من الكتب مهيئة للطبع تبحث في المواضيع التالية :
التصوير الضوئي
المسبحة
الخيول العربية
الخط العربي والزخرفة
أنك في الواقع الثقافي التركماني ؟
هناك حركة .. وهناك أنفتاح وحرية تعبير ..
أتمنى أن يلتقي الجميع من أجل رسم خارطة تليق بمكانة الثقافة التركمانية تستوعب كل الأفكار ...
كيف تجد (( يورد )) الأن ؟
- يورد – المدرسة التي تعودنا عليها التي أحتضنت وخرجت الكثير من الأقلام الواعدة وخدمت ثقافة وأدب وفنون التركمان عبر مسيرة الأعوام الطويلة عادت ألينا على شكل مجلة شاملة رشيقة بنفس الخطة وبنفي مؤسسها الرائد عبد اللطيف بندر اوغلو وهمة الكادر الجديد ومثابرة بطباعة فنية أنيقة ، تحياتي إليهم جميعاً وأتمنى أن تتواصل شهرياً لخدمة ثقافة وأدب وفنون التركمان .